للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب بن عبد اللَّه الخزاعي والشعراء:

لما قدم المطلب الخزاعي من الحج لقيه الشاعر محمد بن وهيب مستقبلا مع من تلقاه، ودخل إليه مهنئًا بالسلامة فأنشده قصيدة طويلة نذكر منها:

وما زلتُ أسترعي لكَ اللَّه غَائبًا … واظهرُ أشفاقًا عليكَ وأكتمُ (١)

وأعلم أن الجودَ ما غبتَ غَائبٌ … وأنَّ الندى في حيثِ كنت مخيّمُ

سَيفخُر ما ضمَّ الحطيمُ وزمزمٌ … بمُطَلبٍ لو أنَّه يتكلمُ

أَعدتَ إلى كنافِ مكةَ بهجةً … خزاعَيَّةً كانت تُجلُّ وتعظمُ

ليالي سُمَّارُ الحجَونِ إلى الصَّفَا … خُزاعةَ إذ خَلَتْ لها البيتَ جُرهمُ

وحنُّ إليك الركن حتى كأنه … وقد جئتهُ خلٌّ عليكَ مُسَلِّمُ (٢)

وقال دعبل الخزاعي يهجوه:

اضرِبْ ندى طلحة الطَّلحاتِ مُبْتَدِئًا … بلُؤمِ (مُطَّلب) فينا، وكن حَكَمَا

تَخْرَجْ (خُزاعةُ) من لُؤمٍ ومِنْ كَرَمٍ … فلا تَعُدٌّ لَهَا لُؤمَا ولا كَرَمَا (٣)

وبينما كان المطَّلب الخزاعي في مجلسه وبحضرته الشاعر أبي سعد، أقبل دعبل، فالتفت المطلب إلى أبي سعد فقال له: حرّكْ دعبلا - وكان المطلب حقد على دعبل قوله:

تُنوّطُ مِضرُبك المُخْزِياتِ … وتَبْصُق في وجهك المَوْصِلُ

في يوم ما تزاحم الشعراء أمام مجلس أمير مصر المطلب الخزاعي وكان سخيًا، فنظر إلى رجل رث الحال في أطمار خلقان، وقد انتهى الشعراء إلقاء ما جادت به مواهبهم الشعرية، ومن كانت له حاجة قضاها له، فقال عبد المطلب: أيها الرجل، إن كانت لك حاجة فاذكرها وإلا فانصرف، فنهض الرجل وأنشأ يقول:


(١) أسترعي اللَّه: أطلب منه أن يرعاك ويحفظك.
(٢) الأغاني ١٩/ ٨.
(٣) ديوان دعبل الخزاعي/ ٢٣٩/ ولقد ذكرنا الشعر من باب التعريف بالشخصية المترجم لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>