للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويظهر أن الإغارات بين باهلة ومذحج بسبب تقارب القبيلتين فى المنازل قد تكررت، فقد ذكر المبرد في كتاب "الكامل" (١) في خبر المنتشر بن وهب الباهلي أنه أسر صلاة بن العنبر الحارثي، فقال: افتد نفسك. فأبى، فقال: لأقطعنك أنملة أنملة، وعضوا عضوًا ما لم تفتد نفسك. فجعل يفعل ذلك به حتى قتله، ثم حج من بعد ذلك المنتشر ذا الخلصة - وهو بيت كانت خثعم تحجه، زعم أبو عبيدة أنه بالعَبَلات (٢)، وأنه مسجد جامعها، فدلت عليه بنو نُفَيْل بن عَمْرو بن كلاب الحارثيين، فقبضوا عليه، فقالوا: لنفعلن بك كما فعلت بصلاءة، ففعلوا ذلك به، فألقى راكب أعشى باهلة، فقال له أعْشى باهلة: هل من جائبة خبر؟ قال: نعم، أسرت بنو الحارث المنتشر، وكانت بنو الحارث تسمى المنتشر مُجَذِّعا، فلما صار في أيديهم قالوا: لنقطعنَّك كما فعلت بصلاءة، فقال أعشى باهلة يرثى المنتشر:

إِنِّي أَتَتْنِي لِسَانٌ لا أُسَرُّ بِهَا … مِنْ عَلُ لا عَجَبٌ مِنْهَا وَلا سَخَرُ

وأنشد الأصمعيُّ للحارثية ترثى من قتل من قومها في يوم كان لباهلة على بني الحارث ومراد وخَثْعَم (٣):

شَقِيقٌ وَحَرمِيٌّ أَرَاقَا دِمَاءَنَا … وَفَارِسُ هَدَّاجٍ أَشَابَ النَّوَاصِيَا

أرادت بشقيق وحرمي شقيق بن جزء بن رياح الباهلي، وحرمي بن ضمرة النهشلي.

فهل كان لباهلة يوم -أو أيام غير يوم قتل عاهان- على القبائل الثلاث المذكورة؟

ولصلة خير ذلك اليوم بالمنتشر الفاتك الباهلي الذي كان كثير الغارة على اليمانيين يحسن الرجوع إلى ترجمته مع الأعيان.

ومن أيام باهلة على اليمانيين يوم الكوم، وهو يوم افتخر به جزء بن رِيَاح الباهلي، فقال: من قصيدة أوردها الأخفش الصغير في كتاب "الاختيارين" قال (٤):


(١) ٤/ ٦٤ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.
(٢) المعروف أنه بتبالة، وانظر عنه وعن ذي الخلصة الذي كان ببلاد جوس كتاب "في سراة غامد وزهران".
(٣) "لسان العرب" رسم (هدج).
(٤) ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>