للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والنخيل والبساتين والمعادن، كما هو الحال في بلاد باهلة، وأيّا كان فشعر زيد يحتمل المدح والهجاء، وهو في الوقت نفسه صادر من ند، يغاور القبيلة ويحاربها، فليس عجيبًا ولا غريبًا أن يهجوها، وليكن ذلك ما دامت تأخذ حقها وتحمي حماها، فليهجها من يهجوها، وأكثر من يهجي الأقوياء (أَوْسَعتُهم ذمًا وأودوا بالإبل). بل إن زيدًا -عفا اللَّه عنه- لم يتورع من هجو قومه فضلا عن أعدائه فقد قال (١):

لَوْ كنْتُ أَنْهَضُ فِي مُلَمْلَمة … شُمَّ المَفَاخِر مِنْ بَنِي قُرْطِ

أو مِنْ بَنِي شَكَل الَّذِينَ هُمُ … مَنَعُوا الحَرِيْمَ بأذْرُعٍ شَمْطِ (٢)

لكنَّمَا قَوْمِي هُمُ خَذَفٌ … يَرْغَبْنَ فِي أَشِبٍ مِنَ الخَمْطِ

فجعل قومه جِدَاء صغارًا (خَذَفًا) همها ملء بطونها من الخمط.

إن أبيات طفيل في الإغارة على طيئ بعد وقعة مُحَجَّر وقعت من فرعي غني ولعله أرد أن يقول فرعي (أعْصُر) فلم يستقم له الوزن، إذ ليس من المعقول أن تغير قبيلة غني على طيئ وحدها، في عقر دارها المحصنة، ولا تهبّ أختها باهلة لنصرتها، كيف لا وهي على ما يفهم من شعر زيد الخيل بينها وبين طيئ غارات.

وهناك نص صريح على مشاركة باهلة في هذه الغارة، فصاحب "الأغاني" (٣) في الكلام على شعر لطفيل الغنوي من هذه القصيدة قال ما نصه: والذي عندي أنه لطفيل الغنوي، قاله في ابن زيد (٤) الخيل أغار على بني عامر فأصاب في كلاب، وبني كعب واستحر القتل في غني بن أعصر، ومالك بن أعْصر -وأعصر هو الدخان ولذلك قيل لهما أبنا دخان- وكانت غني مع بني عامر في دارهم، موالي لنمير، وكان فيهم فرسان وشعراء، ثم إن غنيا أغارت على طيئ وعليهم سيَّار بن هُرَيْم فقال في ذلك قصيدته الطويلة (٥):

وَبِالْقَفْرِ دَارٌ مِنْ جَمِيلَةَ هَيَّجَتْ … سَوَالِفَ شَوْقٍ فِي فُؤَادِكَ مُنْصِبِ


(١) "الإيناس" - ١٩٢.
(٢) بنو شكل ابن الحريش بن كعب بن ربيعة بين عامر بن صعصعة.
(٣) ٨/ ٢٣٣ ط (دار الكتب المصرية).
(٤) كذا ولعل كلمة (ابن) مقحمة في غير محلها.
(٥) يقصد طفيلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>