للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا شك أن بعض الباهليين استقروا في البصرة؛ ولهذا نجد عند ذكر بعض الصحابة من هذه القبيلة أْنهم من أهل البصرة، والواقع أنهم انتقلوا إلى البصرة من بلادهم القديمة، واستقروا فيها بعد عمرانها، كما استقروا في نواح أخرى في جهات العراق، ونجد مثالا لذلك ما ورد فى كتاب "تاريخ الموصل" (١) للأزدي، قال: وقرأت في كتاب أن سرمرَّي أخذ اسمها من اسم سام بن نوح، وذكروا أن رجلا من باهلة الذين ابتاع المعتصم منهم قيل له: كيف صبرتم على هذا الخراب وليس حوله عُمَّارُ ولا معاش ولا خضرة؟ فقال: نتوقع أن تبنى هاهنا مدينة يكون فيها مربط الفرس بألف درهم. انتهى.

وقد ذكر كثير من الباحثين استقرار فروع من باهلة في مدينة البصرة، بحيث كان لهم من النفوذ والسيطرة ما برزت آثاره أثناء حوادث القرن الأول الهجري، مما لا يتسع المقام لتفصيله، ولكنه يدل على ما كان لهذه القبيلة في تلك المدينة من نفوذ وقوة تصرف.

أما ما ورد في "دائرة المعارف الإسلامية" من أن باهلة كانت تحال (الحُفير) على مسيرة أربعة أميال من البصرة، فلا يعدو الأمر أنا يكون حادثة فردية، فقد ورد فى كتاب "المناسك" (٢) في الكلام على الحُفَيْر الذي هو أول المنازل في البر من البصرة وبينه وبينها أحد وثلاثون ميلا: وكان يقال للحفير: حُفَيْر الملح، فلم يزل كذلك حتى أرعى محمد بن سليمان بالحُفَيْر إبلا، وغلب عليه أهله، فأتاه رجل من باهلة فاستأذنه أن يحفر بئرًا بالحُفَيْر، فأذن له، فأنبط بئرًا عذبة فاشتراها محمد ابن سليمان منه بعشرة آلاف درهم، فشرط أن يأذن له في حفر أخرى فأذن له، فأنبط عذبه، ثم حفر محمد فأنبط عذبه. انتهى.

وإذن فالحُفَيْر كان في ذلك العهد تحت تصرف محمد بن سليمان بن علي أحد مشاهير الدولة العباسية في أول أمرها، فسمح للباهلي بأن يحفر بئرًا بالحفير، ومصدر ما ورد في "دائرة المعارف" هو ما جاء في كتاب "معجم البلدان" (٣)


(١) ٤١٦ تحقيق د. علي حبيبة - القاهرة ١٣٨٧ هـ (١٩٦٧ م).
(٢) ٥٧٦.
(٣) رسم (الحفير) وتجد تنبيهًا على ما في كلام ياقوت هنا في رسم (الحفير) من حواشي كتاب "البلدان" للحازمي وفي "العرب" س ٢٥ ص ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>