للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونصه: الحُفَيْر أيضًا: ماء لباهلة بينه وبين البصرة أربعة أميال: إلى آخر كلامه، ولكن ما جاء في كتات "المناسك" أصح وأوضح.

ويظهر أن نفوذ القبيلة في مدينة البصرة وما كان لبعض مشاهيرها الذين تولوا في الدولة الأموية كثيرًا من الأعمال، كان لكل ذلك أثره في أن تنتشر فروع القبيلة في العراق وما حوله، حتى تكونت منها جالية كبيرة في الجزيرة الفراتية، بقيت فروعها زمنًا طويلا.

ويلاحظ أن كثيرًا من قواد الجيوش وولاة المدن والأقاليم أثناء الفتوحات الإسلامية الأولى كانوا يولون الناحية العمرانية لما يلونه من البلاد اهتمامًا كبيرًا، لأنهم يجدون فيها ما يرغبهم في استيطانها، ومن ثم يتخذونها بلادًا لهم ويستقرون فيها، فعبد العزيز بن حاتم بن النعمان بن عمرو الباهلي والي أرمينية وأذربيجان من قبل معاوية بنى مدينة (دَبِيل) وحصنها وكبر مسجدها وبنى (النَّشَوَا) ورم مدينة (بَرْذَعَة) وأحكم حفر (الفارقين) حولها، وجدد بناء مدينة (البيلقان)، وكانت هذه المدن متشعثة مستهدفة كما يقول البلاذري (١).

وليس هذا الأمر الباهلي وحده هو الذي كان يقوم بمثل هذه الأعمال.

ومن هنا نجد أن آل حاتم بن النعمان قد رسخت أقدامهم في الجزيرة الفراتية التي كان لعدد من أفرادهم من النفوذ فيها ما مكن أقاربهم في النسب من قبيلة باهلة وغيرها أن ينتقلوا إليها من البصرة وأن يستقروا فيها (٢)، بحيث نري الأخطل -هو وقومه كانوا من سكان الجزيرة- يقول في ذكر وقعة الثرثار (٣):

وأما عُمَيْرُ بْنُ الحُبَابِ فَلَمْ يَكُنْ … لَهُ النِّصْفُ فِي يَوْمِ الهياجِ ولا العُشْرِ

فإِنْ تَذْكُرُوهَا فِي مَعَدٍّ فإنَّما … أَصَابَكَ بالثَّرثَارِ راغِيَةُ البَكْرِ

وكانَ يُرَى أَنَّ الجَزِيرةَ أَصْبَحَتْ … مَوَارِيثَ لابْنَي حَاتِمِ وَأَبي صَخْرِ

أبنا حاتم بن النعمان وأبو صخر جميعًا من باهلة.


(١) "فتوح البلدان": ٢٤٢ ط المنجد.
(٢) "الاشتقاق": ٢٧٢.
(٣) "شعر الأخطل" ٢/ ٤٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>