للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس من اليسير أن نرجع المجموعة الجعلية إلى بطونها الأولى في مصر. ولكن موقعها الجغرافي على نهر النيل ما بين الخرطوم وبلاد النوبة، وانتشارها من هذا المركز في شعب وفروع نحو البطانة والنيل الأزرق، ونحو النيل الأبيض جنوب الخرطوم، ونحو الغرب إلى كردفان - كل ذلك يحمل الدليل على أن هذه المجموعة قد دخلت السودان من الشمال من طريق وادي النيل (١).

وليس في أقوال الرواة عن أصل تسمية "جعل" ما يرشدنا إلى معرفة نواة القبيلة أو المجموعة في شمال الوادي. ويختلف النسابة في أصل التسمية على قولين: القول الشائع أن إبراهيم الهاشم، جد الجعليين كان جوادًا كريمًا، وأنَّه كان يقول للجماعات التي تنضوي تحت لوائه: جعلناكم منا، فسمي لذلك جعلا. وفي مخطوط سوداني يرجع إلى سنة ١٢٧٧ هـ/ ١٨٦٠ م أنه لقب جعلا (بضم الجيم) لسمرته الشديدة ومنظره (٢). والواقع أنه لم يرد لفظ جعل ومشتقاته في أسماء قبائل العرب القديمة إلا في قبيلتين: إحداهما جعال بن ربيعة، حي أقطعهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أرض إرم من ديار جُذام (٣). والأخرى بنو حرام بن جعل، بطن من بلي من قُضاعة وهم بنو حرام بن عمرو بن جثمّ (٤). فاللفظ إذن معروف في الجزء الشمالي الغربي من شبه جزيرة العرب، أي في المستودع الأول الذي أمد مصر بموجاته العربية المتلاحقة، بل إن المصادر تحدثنا أن من بين الصحابة الذين نزلوا مصر حزام بن عوف البلوي، وكان من بني جعل من بلي، وهو ممن بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة في رهط من قومه بني جعل، فقال لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا صخر ولا جعل. أنتم بنو عبد الله (٥). على أننا لا نستطيع أن نجد صلة ما بين هؤلاء والجعليين في السودان، ولا سيما إذا واجهنا اتفاق جمهور النسابة على أن


(١) محمد عوض ١٦٠، ١٦٤.
(٢) أحمد بن الفقيه: ١٩٣.
(٣) لسان العرب ١٣/ ١١٩، ١٤/ ٢٨١، القاموس المحيط ٣/ ٣٤٩.
(٤) تاج العروس للزبيدي ٨/ ٢٤٣.
(٥) ابن حجر، الإصابة ١/ ٣٢٣، السيوطي، حسن المحاضرة ١/ ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>