للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال عنترة بن شداد (١):

وَيَمْنَعُنَا من كُلِّ ثَغْرٍ نَخَافُهُ … أَقَبُّ كَسِرْحَانِ الأَبَاءَةِ ضَامِرُ

وكُلُّ سَبُوحٍ فِي العِنَانِ كَأنَّهَا … إِذَا اغْتَسَلَتْ بِالمَاءِ فَتْخَاءُ كَاسِرُ

فلا غرو -وللخيل تلك المنزلة في النفوس- أن تكون هذه القبيلة النابهة في الذكر في أيام المجاولة، والمصاولة بين العرب في عهودهم الأولى ذات عناية شديدة بها.

ولحرص العرب على انتقاء خيولهم واختيارها كانوا يحافظون على أصولها من حيث تسلسل تلك الأصول، كما يحافظون على أنسابهم، ولابن الكلبي كتابه المعروف، "نسب الخيل" ذكر فيه أهم أصول الخيل. ولابن الأعرابي، وللأسود الغندجاني الأعرابي ولغيرهما المؤلفات المشهورة عن الخيل، ولا يزال هذا شأن العرب في هذا العصر من حيث المحافظة على أصالة أنساب ما يقتنون من الخيل.

ولقد امتازت قبيلة باهلة بأنها كانت تملك من الخيل أعرقها أصولا حتى ظهر الإسلام، وفي خبر أورده ابن الكلبي في كتاب "نسب الخيل" (٢) ما يشير إلى ذلك، قال: أخبرني بعض علماء أهل اليمامة أن هشام بن عبد الملك كتب إلى إبراهيم بن عربي الكناني أن اطلب في أعراب باهلة لعلك أن تصيب لي فيهم من ولد الحَرُون شيئًا، فإنه كان يطرقهم، ويجب أن يبقى فيهم نسله.

ويظهر أن ابن عربي تتبع الخيل المعروفة عند العرب، فبعث بها إلى الشام، كما تدل على ذلك الأخبار المتعلقة بالخيل في العهد الأموي.

وقد كان لإبراهيم بن عربي من الصولة وقوة النفوذ في نجد حين ولي اليمامة ما هو معروف، إذ كان يترسم سياسة الحجاج بالشدة والصرامة في حكمه، وهو الذي أنشأ السجن المعروف (دَوَّار) الذي طالما جأر منه من سجن فيه (٣).

ولا شك أنه كان من أثر اقتناء باهلة للخيل الأصيلة أن تمكنت من معرفة السمات التي تتسم بها الفرس الأصيلة دون غيرها، ولعل في هذه القصة الطريفة


(١) المصدر السابق: ٢/ ٧٨.
(٢) ٦٩ ط المجمع العلمي العراقي.
(٣) انظر "العرب" س ١١ ص ٧٣ وس ٢٣ ص ٨٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>