للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما يبرز جانبًا من جوانب معرفة قبيلة باهلة بشئون الخيل وأحوالها: قال أبو هلال العسكري في كتاب "الأوائل" (١): بعث عمر سلمان بن ربيعة على جيش، وسار معه عمرو بن مَعْد يكرب وطلحة الأسدي، فلقوا العدو فهزموه، وأصابوا غنائم كثيرة، فلما قفل قسمها، وأمر أن تعرض عليه الخيل، فكان يسهمها ولا يسهم إلا لكل عتيق، فمر به فرس لعمرو فيه غلظ، فقال سلمان: إنه لهجين، وما أريد أن أسهمه، فغضب عمرو وقال: أجل ما يعرف الهجين إلا الهجين!!، فقام إليه الأشتر وكان من رهطه فقال: يا عمرو ما نراك إلا سلبت الماء الذي نكون عليه بالبادية، أما تعلم أن هذا الإسلام وأن أمر الجاهلية قد اضمحل، أما لو أمرنا بك لأخذناك له. فقال عمرو: ما عرفت الذل قبل اليوم، وبلغ أمرهما عمر فكتب إلى سلمان: أما بعد: فلقد بلغني صنيعك بعمرو، وأنك لم تحسن بذلك، ولم تجمل فيه، فإذا كنت بمثل مكانك من دار الحرب فانظر عَمْرًا وطلحة وقربهما منك، واسمع منهما، فإن لهما بالحرب علمًا وتجربة، وإذا وصلت إلى دار السلم فأنزلهما منزلتهما التي أنزلا أنفسهما بها، وقرب أهل الفقه والقرآن. وكتب إلى عمرو: أما بعد فقد بلغني إفحامك لأميرك وشتمك له، إن لك سيفًا تسميه الصمصامة، وإن لي سيفًا اسمه المُصَمِّم، وإني أحلف باللَّه لو قد وضعته على هامتك لا أرفعه حتى أقدك به.

فلما جاءه الكتاب قال: واللَّه إنْ هَمّ ليفعلن. انتهى.

وسلمان بن ربيعة الباهلي هو سلمان الخيل، كان أبصر الناس بعتق دابة، وأبصرهم بإقراف وهجنة كما قال الجاحظ (٢). ومن علماء الخيل من باهلة شبيب ابن جحل.


(١) ٢/ ٤٤.
(٢) الجاحظ في كتاب "البرصان والعرجان" - ٣٣١ - تحقيق عبد السلام هارون.

<<  <  ج: ص:  >  >>