وكانت ترسل الخيل فيجيء السابق لمسلم بن عَمْرو، والمصلي الثاني، ثم توالى له عشرون فرسًا معًا ليس لأحد فيها شيء، فقال بعض الشعراء لما رأى ما عليه مسلم ابن عَمْرو من السابق:
إِذَا مَا قُرَيْشٌ خَوَى مُلْكُهَا … فَإِنَّ الخِلافَةَ فِي بَاهِلَهْ
لِربِّ الحَرُوْنِ أبِي صَالِحٍ … وَمَا تِلْكَ بالسُّنَّةِ العَادِلَهْ
فلما مات مسلم وورد الحجاج أخذ البطين من قتيبة بن مسلم، فبعث به إلى عبد الملك بن مروان، فوهبه عبد الملك لابنه الوليد، فسبق الناس عليه، ثم استفحله فهو أبو (الذائد) والذائد أبو أشقر مروان.
وحدث أبو عبيدة قال: سبق الناس قتيبة بن مسلم بخراسان وخيل العرب من أهل الشام متوافرة بخراسان، فتوالي لقتيبة ثمانية عشر فرسًا، وجاءت أمامها (جَلْوَي) فرس كانت لعبد الرحمن بن مسلم، وهي بنت الحرون لصلبه، فقال في ذلك فُضَالة بن عبد اللَّه الغَنْوِيِّ:
خَرَجَتْ سَوَاسِيَةً مَعًا وأَمَامَهَا … جَلْوَى تَطيْرُ كَمَا يَطِيْرُ الشَّوْذَقُ
فَلَمَحْتُ أَنْظُرُهَا فَمَا أَبْصَرْتها … مِمَّا تَرفَّعُ فِي السَّرَابِ وَتَغْرَقُ
ومن ولد الحرون: مُنَاهِب، وكان لبني يربوع، والضَّيْف، وكان لبني تغلب، قال الشمردل اليربوعي:
تَلْقَى الجِيَادَ المُقْرَبَاتِ فِيْنَا
لأَفْحُلٍ ثَلاثَةٍ يَنْمِيْنَا
مُنَاهِبًا والضَّيْفَ والحَرُوْنَا
وأضاف ابن الكلبي قائلا (١): أخبرني بعض علماء أهل اليمامة أن هشام بن عبد الملك كتب إلى إبراهيم بن عَرَبيٍّ الكناني أن اطلب في أعراب باهلة لعلك أن تصيب لي فيهم من ولد الحرون شيئًا، فإنه كان يطرقهم ويجب أن يبقى فيهم نسله. فبعث إلى مشايخهم فسألهم، فقالوا: ما نعلم شيئًا غير فرس عند الحكم
(١) "نسب الخيل" ط المجمع العلمي العراقي ٦٩ وما بعدها.