للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عرعرة النُّمَيْري، يقال له: (الحموم)، فبعث إليه فجيء بها، وجاء رجل من بني سعد بفرس أشقر أقرح، من ولد (لاحق)، فلما نظر إليه الحكم بن عرعرة، ويقال: إنه كان أبصر الناس بفرس، فقال: ما له قاتله اللَّه، إن سبقنا شيء فهذا خليق، وكل يحاكها عشر غلاء ويتقدمها، ثم تغضب وتدركها عروق كرام، فسبقه، فلما أرسلت الخيل صدر الأشقر السعدي عليها، وانقطعا من الخيل، فرجز السدي فأنشأ يقول:

نَحْنُ صَبَحْنَا عَامِرًا فِي دَارِهَا … أَرْوَعَ يَطْوِي الخَيْلَ مِنْ أَقْطَارِهَا

يُغَادِرُ الخَيْلَ عَلَى انْبِهَارِهَا … مَقَوَّرةً تَعْثُرُ فِي غِبَارِهَا

قال: فواللَّه لكأنها فهمت رجزه، فصَرَّتْ أذنيها ثم اعتمدت في اللجام، فبدرت بين أيديها، فجاءت كأنها كُشَابُ أعسر، والكُشَابُ مثل المِعْرَاض، فنهض النُّمَيْرِيُّ يرتجز:

مَا إِنْ صَبَحَتْ عَامِرًا فِي دَارِهَا … إِلا جِلالًا كُنْتَ مِنْ مُيَّارِهَا

مُنْخَرِق المِئْزَرِ مِنْ تَجْرَارِهَا … قَدْ تَرَكَتْ عَودَكَ فِي غُبَارِهَا

خَيْفَانَة لا يُصْطَلى بِنَارِهَا … تَحْمِي بَنَاتَ أُمِّهَا مِنْ عَارِهَا

قال: فكلمه فيها إبراهيم بن عَربي، فقال: إن أمير المؤمنين كتب إليَّ أن أصيب له فرسًا من نسل الحرون، قد جلت عن نفسها بالسبق، فخذ مني ثمنها. فقال الحكم: إن لها صحبة وحقّا، وهي عندي نفيسة، ما تطيب نفسي عنها، ولكن أهب لأمير المؤمنين ابنًا لها سبق الناس عامًا أول، وإنه لرابض. قال: فضحك القوم. فقال: ما يضحككم؟ أرسلت أمه عامًا أول بجو في حلبة ربيعة، وإنها لعقوق به، قد ربض في بطنها، فسبقت، فبعث به إلى هشام، فسبق الناس عليه، وما اتغر.

وقال القالي (١): حدثنا أبو بكر عن الأصمعي، قال: كان الحرون من خيل العرب، حدثني رجل من أهل الشام قال: كان من مسلم بالري، ثم جاء فشهد معه وقعة إبراهيم، قال: حدثني بهذا النسب مسلم، قال: الحرون بن الأثاثي بن


(١) "النوادر - ذيل الأمالي": ١٨٤/ ١٨٥ ط دار الكتب.

<<  <  ج: ص:  >  >>