-رحمه اللَّه- أثناء مقابلة تحدث فيها لمجلة المصور المصرية عام ١٣٦٧ هـ الموافق ١٩٤٨ م عن والده عبد العزيز: ليس من اليسير أن أتحدث عن والدي كملك، لأن ذلك من حق التاريخ وحده. . . غير أني أستطيع أن أذكر بعض مزاياه التي هيأت له أن يبني هذا الملك والسلطان على الرغم مما صادفه من شدائد وأهوال لم تثنه عن الوصول إلى غايته ولم تصرفه عن تحقيق أهدافه. وأولى هذه المزايا، قوة الإيمان، فما رأيته منذ نشأت قد ضعف إيمانه باللَّه أو تخلى عن ثقته بنصره، فقد أصيب في عنفوان صباه بضياع إمارة أبيه عبد الرحمن الفيصل على الرياض، وسقوطها في أيدي منافسيه من آل رشيد، فرحل ومن معه إلى الكويت، ونزلوا ضيوفًا على شيخها، وانضموا إليه في محاربته لابن رشيد، وبالرغم من هزيمتهم في عدة معارك، فإنه ما كاد يستعيد جيش أبيه الصغير في ذلك الحين، حتى هب لاستعادة بلاده تحدوه قوة إيمانه وثقته باللَّه، وقد صمم على الفوز بالرياض أو الموت دونها حتى استعادها وأعاد إليها مجد آبائه.
وثاني هذه المزايا: قوة إرادته وشجاعته التي كانت تبرز في أحرج المواقف وأحلك الظروف، منها على سبيل المثال، موقعة الحريق التي فيها دارت الدائرة على جيشه وهمّ جنوده بالفرار، فبرز -رحمه اللَّه- في مقدمة الصفوف ممتطيًا جوواده ومتشحًا بسيفه قائلا: من كان يحب عبد العزيز فليتقدم، ومن كان يؤثر الراحة والعافية فليذهب لأهله، فواللَّه لن أبرح هذا المكان حتى أبلغ النصر أو أموت. فسرت الحماسة والحمية فيهم، وعادوا فشدوا على عدوهم حتى خذلوه.
ومن مزاياه: حكمته وصبره في معالجة أمور دولته، حيث يتوخى -رحمه اللَّه- حل المشاكل بالسِلْم والمعروف، وهو متسامح مع خصومه، واسع الصدر، لا يدخر وِسْعًا في استخدام اللين والمرونة، ولا يلجأ للشدة حتى تنفذ جميع الحلول المطروحة والمعروفة، فعلى سبيل المثال كفه عن القتال ضد ملك اليمن آنذاك حين توسط بعض سادة العرب لذلك. وأضاف الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز، قائلا: أما عن جلالته كأب، فأستطيع أن أقول إن كل فرد في شعبه يعتبره أبًا له، لما عرف عنه من عناية بأبناء رعيته وعطفه الكبير وحنانه الواسع. إن والدي في تربيته لنا يجمع بين الرحمة والشدة، ولا يفرق بيننا وبين أبناء شعبه، وليس للعدل