للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليها قالت لي: مهلا عند أبي وإخوتي، هذا لا يكون، ثم أمرنا بالرحيل فسرنا، فقلت تقدم، فاعدل بنا عن الطريق، فعدلنا فأناخ، فتقدمنا فما لبث أن لحق بنا، فقلت: أفرغت من شأنك؟ قال: لا واللَّه، قالت: كما يفعل بالأمة الجليبة والسبية الأخيذة، لا واللَّه، حتى تنحر الجزر وتثلج الغنم، وتدعو العرب، وتعمل ما يعمل المثلي، قالت: واللَّه، إني لأدهمه وأرجو أن أكون نجيبة -إن شاء اللَّه تعالى- فرحنا حتى جئنا ببلادنا، فنحرنا الجزر، وثلجنا الغنم، ودخل عليها فخرج، قلت: أفرغت من شأنك؟ قال: لا واللَّه، دخلت عليها وقلت: قد نحرنا الإبل، وثلجنا الغنم، ودنوت منها فقالت لي: لا واللَّه، لقد ذكرت من الشرف ما لا أراه فيك، اخرج إلى هؤلاء القوم، عَبْس، وذُبيان، فأصلح بينهم، فخرجنا حتى أتينا القوم، فمشينا بينهم بالصلح حتى اصطلحوا، وتحملنا الديات، وكانت ثلاثة آلاف بعير في ثلاث سنين، فانصرفنا فأجمل لنا الذكر فمدحنا بذلك، وكما ذكر عن زُهَيْر من المديح لهم، قال: وهذي لهم شرف إلى الآن. ثم ولدت له بعد ذلك بنين وبنات، وكان أوس هذا رأس جَدِيْلَة، وهم بأجا وَسَلْمَى، ثم وقع الحرب بين جُدِيْلَة والغوث، وهو يوم اليحاميم ويعرف أيضًا، بقارات حُوق، وكان سبب ذلك أن الحارث ابن جَبَلة الغَسَّانِي كان قد أصلح بين طيئ، فلما هلك عادت إلى حربها، فالتقت جَدِيْلَة والغوث بموضع يقال له غرثان، فقتل قائد جَدِيْلَة، وهو أسْبَع بن عمرو بن لام، وهم عم أوس بن خالد بن حارثة بن لام، وبعض النسابة يسقط، خالدًا (١)، فيقول: أوس بن حارثة بن لام، وكان مصعب رجلًا من سنبس قطع أذن أسْبَع بن عمرو بن لام فخصف بها نعله، وقال أبو سورة السِّنْبِسي (٢).

نُخَصِّفُ (٣) بالآذان منكم نعالنا … ونَشْرَبُ كرهًا منكم في الجَماجِمِ

وتناقل الحيان في ذلك أشعارًا كثيرة. وعظم ما صنعت الغَوْث على أوس، وكان لم يشهد الحروب المتقدمة ولا أحد من رؤساء طيئ، كحاتم، وزيد الخَيْل، فعزم أوس على لقاء الحرب بنفسه، وأخذ في جمع جَدِيْلَة ولفها، قال أبو جابر.


(١) ديوان حاتم، ص ٢٥، ابن الكلبي، ص ٧٠، العقد الفريد ٣/ ٣٩٩، أثير ١/ ٦٣٥، ابن لعبون، ص ١١.
(٢) الإضافة من أثير ١/ ٦٣٥.
(٣) في الأصل: نخسف؛ والتصحيح من أثير ١/ ٦٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>