للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقيموا علينا القَصد يا آل طيءٍ … وإلا فإنَّ العِلم عِند التَّحاسب

فمن مثلنا يومًا إذا الحرب شَمَّرَتْ؟ … ومن مثلنا يومًا إذا لم نحاسب؟

وبلغ الغَوْث جمعُ أوس لها، وأوقدت النار علي، مَنَّاع وهو ذروة جبل أجَأ، وذلك أول يوم توقد عليه النار، فأقبلت قبائل الغَوْث، وعليها رؤساؤها، منهم زَيد الخَيْل وحاتم، وأقبلت جَدِيْلَة مجتمعة على أوس، وحَلَف أوس أن لا يرجع عن طيئ حتى ينزل معها جَبَليها، أجأ وسَلمَي، والتقوا بقارات حُوق، على راياتهم، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، قال: فدارت الحرب على بني كيماد (١) بن جُنْدب ابن خارجة بن جَدِيْلَة، قال عدي بن حاتم: إني لواقف يوم، اليحاميم، والنّاس يقتتلون وزيد الخيل يقول لبنيه: أبقيا على قومكما فإن اليوم يوم التفاني، فإن يكن هؤلاء أعمامًا فهؤلاء أخوال، قلت: كرهت قتل أخوالك، قال: فاحمرت عيناه غضبًا، وتطاول إلي فضربت فَرَسِي وتنحيت عنه، واشتغل بنظره إليَّ عن (٢) ابنيه، فخرجا كالصَّقْرَيْن، وحمل قيس بن عازب على بُجَيْر بن زيد بن حارثة بن لام فضربه على رأسه ضربة عَنَّق لها بُجَيْر فرسه وولي فانهزمت جديلة، فقال زيد الخيل شعرًا:

تجيء بني لام جيادٌ كأنها … عصائب طير يوم طل وحاصِبِ

فإن تَنجُ منها لم يزل بك شامة … إناء حيًا بين الشَّجَا والترائب

وفر ابن لام واتقانا بظهره … يُرَدِّعُه بالرمح قَيس بن عَازبِ

وجاءت بنو مَعْنٍ كأن سيوفهم … مصابيح من سقف فليس بآيب

وما فَرَّ حتى أسلم ابن حُمارِسٍ … لوقعة مصقول من البيض قَاضِبِ (٣)

وانتقلت جَدِيْلَة من بلادها وتفرقت، وهذا الذي أشار إليه البُحْتُرِيُّ بقوله: نقلت جَدِيْلَة عن فضاء واسع -وقد تقدمت- وذكر الغلاييني، أن النصر كان الجديلة على الغَوْث، وكان عنترة بن شداد العبسي في حلف جَدِيْلَة وشكاه الثُّعليون إلى غطفان.


(١) انظر هامش ٢، ص ٢٥٣.
(٢) الإضافة من أثير ١/ ٦٣٥، ٦٣٦.
(٣) أثير ١/ ٦٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>