للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حددنا المسافة بين مكة والقنفذة هناك- وتتوسط فرشة وادي حلي وهو أكبر وادٍ في هذه الناحية.

سبب الاسم: اسمها هذا قديم، ذكره في أول القرن الثامن الهجري.

وكان ابن يعقوب أحد سلاطينها، غير أن المصادر المتيسرة لم تعطنا شيئًا يذكر عن يعقوب، غير أن الثابت مما سترى مستقبلا أنه من كنانة ثم من بني حرام.

وليس السبب الرئيسي في التسمية هي شهرة ابن يعقوب هذا، إنما السبب الرئيسي يعود إلى أن الوادي كله يسمي حَلْيًا من أعلى السراة إلى البحر، فأرادوا التفريق بين المدينة والوادي، وقد مر معك (دوقة ابن خير) و (دوقة الأحلاف) والوادي كله دوقة.

وأول ذكر وصل إلينا لحلي المدينة ما ذكره لفاسي (العقد: ٤/ ٧٩) من أن رجلا من بني حرام استولى على مدينة حلي سنة ٤١٢ هـ فاستعادها منه أبو الفتوح. فهذا ذكر أول محاولة من بني حرام للاستيلاء على حلي، وأنها مدينة، ولعل هذا الحرامي هو ابن يعقوب وأنه استولى عليها مرة أخرى فأسس إمارة بني حرام. وجاء ابن بطوطة (١)، الرحالة الشهير، الذي زارها سنة ٧٣٠ هـ، وقال:

"بعد ستة أيام من خروجنا عن جزيرة سواكن وصلنا إلى مدينة حلي، وتعرف باسم (ابن يعقوب) وكان من سلاطين اليمن ساكنًا قديمًا بها.

وهي كبيرة حسنة العمارة، يسكنها طائفتان من العرب، وهم بنو حرام وكنانة (٢). وجامع هذه المدينة من أحسن الجوامع، وفيه جماعة من الفقراء المنقطعين إلى العبادة، منهم الشيخ الصالح العابد الزاهد (قبولة الهندي) من كبار الصالحين؛ لباسه مرقعة وقلنسوة لبد، وله خلوة متصلة بالمسجد، فرشها الرمل لا حصير بها ولا بساط. ولم أر بها حين لقائي له شيئًا، إلا إبريق الوضوء، وسفرة من خوص النخل فيها كسر شعير يابسة، وصحيفة ملح فيها صعتر، فإذا جاءه أحد قدم بين يديه ذلك. وسلطان (حلي) عامر بن ذؤيب، من بني كنانة، وهو


(١) رحلة ابن بطوطة، ص ٢٧١.
(٢) بنو حرام فرع من كنانة، ولكن ابن بطوطة لا علم له بالأنساب.

<<  <  ج: ص:  >  >>