للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تركوا لك الأوطان غير مُدَافَعٍ … وتعلقوا بذُرَى الشوامخِ والقُنَنْ

حَفِظوا نُفُوسًا بالفِرار أطلَّهَا … سيف على الأرواح ليس بمؤتمنْ

ولحفظها بالفَرِّ أكبر شاهدٍ … لك بالعلا فَلِمَ التأسف والحَزَنْ

فاغمد سيوفَك رغبةً لا رَهْبَةً … ما في قتيلٍ فرَّ مرعوبًا سِمَنْ

إلى أن يقول:

موسى هَزَبْرٌ لا يُطاقُ نزاله (١) … في الحرب لكن أينَ موسى من حسنْ

هذاك في يمنٍ وما سلمت له … يمنٌ وذا في الشام لم يدعِ اليمنْ

فانظر إلى موسى وقد لعبت به … -لما سخطتَ عليه- أحداث الزمنْ

ذاق المرار لفوتِه أوطانه … فَقِهِ مرارةَ فرقة الروح البدن

وهكذا تقص علينا هذه القصيدة أن أهل حلي قد فروا خوفًا من بطش الشريف حسن بن عجلان، وكانت هذه حالتها في بداية القرن التاسع الهجري، ويبدو أنها لم تفلح بعدها، غير أن المدن لا تندثر في سنة أو سنين، إنما تأخذ في التقهقر والانحطاط التدريجي إلى أن تنمحي. وفي أعالي حلي قرب محايل عشيرة تدعى آل دريب، فلعلها ممن جلا عن حلي، وسوف نفصّل عن قبائل محايل في هذا المجلد.

وعند الحديث عن بركات بن حسن، قال العصامي (٢):

ومما وقع في زمانه أن أمير اليمن أحمد بن إسماعيل الغساني كتب إليه أن يفرغ له دور مكة وأن يلقاه إلى حلي، صحبة قصيدة هي قوله:

مَنْ لِصَبٍّ هاجه نشر الصِّبا … لم يزده البَيْنُ إلا طربا

وأقول: إيراد القصيدة في هذا السياق وهم من العصامي -رحمه اللَّه- فهذه القصيدة لها قصة سنذكرها ونذكر طرفًا منها فيما بعد.


(١) موسى الكناني سلطان حلي.
(٢) السمط: ٤/ ٢٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>