ونظرًا لارتفاع أبها عن الخميس لابد لك من اجتياز عقبات كثيرة في طريقك من الثانية إلى الأولى، إذ ما تصل إلى الكيلومتر السابع بينهما حتى تصبح على ارتفاع ٨٢٠٠ قدم عن سطح البحر، وبعد كيلو متر واحد يصل الارتفاع إلى (٨٣٠٠) قدم وحينما تبلغ الكيلومتر الرابع عشر تكون على ارتفاع (٨٣٢٥) قدما، ومن هذا المكان يشاهد السهل المنبسط المحيط يوادي حجلة على بعد ١٥ كيلو مترًا ونصف من خميس مشيط.
بلدة "حجلة" قرية بني مالك من "عسير"، وهي كبيرة متسعة تقوم على أطرافها أبراج كثيرة يسميها أهلها "القصبات" وهي بالفعل قصبة مجوفة لها مدخل ضيق، يرقى إليها بسلم من الحجارة البارزة من الجدار الأسطواني الشكل. وتستعمل هذه القصبات مراقب للحراسة من هجوم الأعداء المباغت، وللدفاع عن القرية وما يحيط بها من المزارع.
حينما أشرفت على "حجلة" شاهدت منظرًا غريبا لم يكن لي سابق عهد بمثله، شاهدت البيوت والقصبات ذات رفارف خلتها لأول وهلة مصنوعة من الصفيح، وإذا بي حينما اقتربت منها وأمعنت النظر ليها، يتضح لي أنها مصنوعة من الإردواز الحجري، ذلك أن طراز البناء في عسير مختلف عنه في بلاد شهران وسواها مما شاهدته من البلاد. فأساس البناء وجدره إلى ارتفاع حوالي متر عن سطح الأرض مبنية بالحجارة، وما فوق ذلك مبني بالطين أو اللبن المجفف بحرارة الشمس، وكلاهما قليل المقاومة لا يستطيع تحمل التأثيرات الجوية والأمطار الغزيرة. ولذلك عمد أهل هذه البلاد إلى طريقة يدفعون بها خطر الأمطار ويدرأون بها سقوط الجدران، بأن أحاطوها من جميع أطرافها برفرف من الإردواز على أبعاد متفاوتة لا تزيد في معظمها على متر واحد، ولا تكاد تبلغ أحيانًا نصف