قلنا إن أبها بليت بنكبات كانت أولاها في حصار الأدارسة لها عام ١٣٢٨ هـ - ١٩١٠ م. وقد فطن الأتراك بعد ذلك إلى أن سبب ما أصاب سليمان شفيق كمالي باشا اعتماده في الدفاع عنها على مواقع قريبة فيها، بينما كان في الإمكان تحصينها تحصينا قويا يساعد عليه موقعها الطبيعي والجبال والهضاب المرتفعة المحيطة بها من كل جانب، فشمروا بعدئذ عن ساعد الجد، وبنوا حولها سلسلة من القلاع على رؤوس الجبال وصلوا بينها بأبراج للمراقبة والحصار الأولى، فأصبحت من أحصن المدن. وكان من نتيجة ذلك أن ثبت فيها الأتراك مدافعين بل مهددين للإدريسي وللشريف طوال سني الحرب.
والقلاع الرئيسية التي تحفظ أبها ثلاث:
(١) قلعة ضَلَع: وهي حاكمة على وادي ضلع ومدينة أبها، بحيث لا تستطيع آية قوة أن تصعد من تهامة دون أن تتعرض لمدافع ورشاشات وبنادق المدافعين في تلك القلعة.
(٢) قلعة ذِرَة: وهو جبل مرتفع يكاد يكون منفردًا عما سواه، ويرى من أماكن بعيدة جدا (ذكر لي المهندس أنه رآه من السودة على بعد ٢٠ كيلو مترا)، وهو إلى الشمال الشرقي من قلعة ضلع. وقد بنيت فوقه قلعة كبيرة تحتها أبنية محفورة في بطن الجبل. وقد استفادت الحكومة الحالية من هذه القلعة، واتخذتها أول أمرها مركزًا للاسلكي.
(٣) قلعة شميسان: إلى الشمال من أبها، تحرس الطريق العام القادم من عقبة شعار ومن عقبة الصماء.
وتوجد بين القلاع سلسلة من المحافر القوية المقاومة على رؤوس التلال لحراسة الطرق الموصلة إلى أبها وللدفاع عن القلاع أيضًا. ويوجد بين ضلع وذرة جبل مرتفع اسمه "أبو خيال" بني فوقه مخفر حصين لحراسة طريق القلعتين.
وقد وصل محيي الدين باشا بين أبها والقلاع بطرق متعرجة في أعالي الجبال وجعلها مزدوجة للذهاب والإياب، وسيَّر عليها المدافع والمركبات. وعلى الإجمال فإن أعظم عمل قامت به الحكومة العثمانية للدفاع عن أبها، إنما قام به محيي الدين باشا الذي يذكره كثيرون إلى الآن.