وتخريف أيضًا اعتقادهم السائد في قبر "ذي القرنين" الواقع على ملتقى واديي جوحان وأبها، وهو القبر الذي هدمه الإخوان أيّام الفتح الأولى.
وكذلك من الخرافات الاعتقاد السائد بينهم بشأن الكهف المجاور لجبل "تمنية" يزعمون أنّ فيه ثلاث جثث كبيرة لأناسيّ ماتوا منذ قرون غير أنّ أجسادهم تجمّدت وظلت على حالها، وأن كل من رأى هذه الجثث أصيب بشيء لا يستطيعون أن يقروه أخير هو أم شر.
ولكن أعجب ما روي لي من عقائدهم الخرافية اعتقادهم بما يفعله أهل داخل اليمن من استنطاق الموتى الذي يقتلون غيلة، وزعمهم بأن في إمكانهم معرفة القاتل وتطبيق الجزاء عليه بهذه الطريقة. وحبّذا لو كانت هذه الخرافة حقيقة، إذن لتمكن قضاة التحقيق من كشف أسرار الجرائم والضرب على أيدي الجناة والمجرمين، ولكنها خرافة لها أثرها العظيم في أوهام الناس.
إذ اغتيل إنسان وأريد معرفة قاتله، قام أهل القتيل بمعونة بعض السحرة والكهان إلى سلم فربطوا القتيل إليه عرضا، وحملوه إلى مكان بعيد بن الجبال حيث لا يسمع نباح الكلاب ولا الأصوات المزعجة، وعلّقوا السلّم على شجرة، ثم عمدوا إلى حفرة في الأرض تتسع لجلوس شخص واحد فوضعوا فوقها صخرة كبيرة بحيث تغطيها إلا فتحة صغيرة مواجهة لوجه القتيل المعلّق على السلم المربوط إلى الشجرة. وينصرف رفاق المختبئ في الحفرة إلى مكان منعزل لا يُشاهَدون منه. فإذا جن الليا أنصت المختبئ في الحفرة وحدق في وجهه القتيل منتظرًا وقوع الأعجوبة، وإذا بطير كبير يشبه النسر ينحط من السماء على عالي الشجرة مقابل الميت، ثم تبدأ عملية الاستجواب والاستنطاق.
يتكلم النسر مشيرًا إلى الميت طالبًا منه أن يخبره باسمه واسم عائلته، وربما سأله عن عمره برغم أن هؤلاء البسطاء لا يؤرخون أعمارهم ولا توجد في ديارهم مصالح إحصاء ولا دوائر تسجيل النفوس - فيفتح القتيل فاه ويجيب عن أسئلة النسر واحدًا واحدًا، ويطلعه على اسم القاتل ومكان القتيل وكيفيته وغير ذلك من التفاصيل.