وقد يكون النسر محبا للاطلاع راغبًا في كشف أسرار الموتى وأفعالهم في الحياة الدنيا، فيتمادى في السؤال والميت يجيبه على أسئلته حتى يتطرف إلى الخصوصيات المحضة، فيصيح المختبئ في الحفرة بالنسر أن كفى ولا لزوم لكشف أسرار الموتى، فيغضب النسر من هذا الطفيلي ويثور عليه، وينقض على الحفرة للانتقام منه وتمزيقه بمخالبه القوية ومنقاره المحدد، فيصيح الرجل المختبئ مستغيثًا، ويقبل عليه رفاقه لإنقاذه، فيضعف النسر أمام الكثرة التي تغلب الشجاعة، فيفر لساعته، ويسارع الرجال إلى رفع الصخرة عن فوهة الحفرة لإنقاذ رفيقهم، وينظرون فإذا الميت على حاله لا يتكلم ولا يتحرك.
بهذه الوسيلة يكشف أهل اليمن أسرار الموتى وطريقة اغتيالهم للانتقام من القاتل. إلا أن المثل السائر يقول:"لكل شيء آفة من جنسه" و"لكل داء دواء". فالقاتل الذي يعلم أن تلك الوسيلة قد تفشى سره، لا يستبعد أن يعمد إلى قطع لسان القتيل وشفتيه، فيصبح عاجزًا عن النطق حينما يستجوبه النسر، ويقضي بذلك على آمال أهل القتيل في الوقوف على السر. انتهى.