للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نعي جعفر وأصحابه بكى وقال: "أخواي ومؤنساي ومحدثاي" يعني جعفرًا وزيد بن حارثة، وأتى امرأة جعفر أسماء بن عميس فعزاها في زوجها جعفر ودخلت فاطمة وهي تبكي، وتقول: واعماه! فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "على مثل جعفر فلتبك البواكي" (١).

وكان عمر جعفر لما قتل إحدى وأربعين سنة، وقيل غير ذلك. أخرجه الثلاثة (٢).

كان جعفر أشبه الناس برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خلقًا وخُلقًا، وروى علي -رضي اللَّه عنه- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لجعفر: "أشبهت خَلقي وخُلقي" (٣).

وروي عن سعيد بن المسيب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مثل لي جعفر، وزيد ابن حارثة وعبد اللَّه بن رواحة في خيمة من درٍّ كل واحد منهم على سرير، فرأيت زيدًا وابن رواحة في أعناقهما صدودًا، ورأيت جعفرًا مستقيمًا ليس فيه صدود. قال: فسألت أو قيل لي: إنهما حين غشيهما الموت أعرضا أو كأنهما صدا بوجوههما، وأما جعفر فإنه لم يفعل" (٤).

وكان جعفر جوادًا حليمًا متواضعًا، يجالس المساكين ويطعمهم، ويرفق بهم، حتى إن كان ليدعوهم ويأخذ العُكَّة (٥) فيها أثر السَمن فيشقها ويُلعقُهم إياها، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يسميه أبا المساكين (٦). وفي رواية كان أخير الناس للمسكين جعفر بن أبي طالب (٧).

وعن أبي هريرة قال: ما احتذى النعال، ولا ركب المطايا، ولا ركب الكور (٨) بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أفضل من جعفر" (٩).


(١) التبيين: ص ١١٥.
(٢) أسد الغابة: م ١، ص ٣٤٤، التبيين: ص ١١٥.
(٣) التبيين: ص ١١٥.
(٤) التبيين: ص ١١٥.
(٥) العكة: وعاء من جلد - يتخذ للسمن والعسل.
(٦) التبيين: ص ١١٥، أسد الغابة: م ١، ص ٣٤٢.
(٧) أسد الغابة: م ١، ص ٣٤٢.
(٨) الكور: للناقة بمثابة السرج وآلته للفرس.
(٩) أسد الغابة: م ١، ص ٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>