للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: واستهلينا شهر محرم بالزرقاء فلما صلينا المغرب وجلسنا ونحن ننظر إلى الهلال فقال لي: ما تقول في تشبيهه فقلت الذي على بالي من ذلك قول ابن المعتز:

والبدر في أفق السماء كدرهم … ملقى على ديباجة زرقاء

فقال: هذا التشبيه لا يحسن فيه إلا عند طلوعه قبيل الفجر حالة نقصه وانتهائه فهات شيئًا في ابتدائه قلت قوله أيضًا:

انظر إليه كزورق من فضة … قد أثقلته حمولة من عنبر

قال فسكت ساعة خفيفة وأنشد لنفسه في ذلك مرتجلًا:

قد رأينا الهلال بالزرقاء … ظاهرًا للأنام وقت العشاء

قلت للجابري فهات مثالًا … فيه تزري بأفصح الشعراء

قال قد قيل زورق من لجين … قد ترآى للناظرين بماء

ثم سكت نحو نصف ساعة وأنشد أيضًا مرتجلًا:

قال الشهاب الجابري تشهيًّا … بماثل ذا الهلال السافر

فأجبته انظر إلى دورانه … فلقد حكى في الأرض وقعة حافر

ثم قال الفقيه أحمد لو قال:

هو في السماء مدور ولقد حكى … دورانه في الأرض وقعة حافر

لكان أحسن قلت ولبعضهم أيضًا في هذا التشبيه الحسن:

والبدر في وسط السماء كأنه … وجه مضيء تحت قباء أزرق (١)

وفي سنة تسع وخمسين بعد التسعمائة للهجرة بنى السلطان بدر ابن السلطان عبد اللَّه بن جعفر الكثيري مدرسة لطلبة العلم بالشحر، وجعل فيها وقفًا معلومًا، فقال الفقيه أحمد الجابر -برد اللَّه مضجعه- مؤرخًا لذلك العام:


(١) النور السافر: ص ٤٦٤ - ٤٦٥ - ٤٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>