رسول اللَّه أني أخذت تمرة من تمر الصدقة فتركتها في فمي فنزعها بلعابها، وجعلها في تمر الصدقة فقيل: يا رسول اللَّه، ما كان عليك من هذه التمرة؟
قال:"إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة".
وكان يقول:"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الكذب ريبة والصدق طمأنينة".
اختار الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الرفيق الأعلى والحسن لم يجاوز الثامنة من عمره، ولكنه رغم هذه السن الغضة، وعى الشيء الكثير وتأدب بآداب الرسول الكريم وتخلق بأخلاقه (١).
ثم بويع أبو بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- بالخلافة وكان الحسن ما زال في ميعة الصبا ولم يذكر التاريخ شيئًا عن حياته في عهد أبي بكر ولا في عهد عمر بن الخطاب، وإن كنا نعتقد أنه كان ينشأ كما ينشأ فتية الصحابة وأبناؤهم بحفظ القرآن، ويروي الحديث ويتأدب بآداب السنة الشريفة.
فلما آلت الخلافة إلى عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- كان الحسن قد بلغ العشرين واكتملت رجولته وبلغ في الأدب وسمو الخلق الغاية وأشرف في العلم على النهاية، فلما هَمَّ عثمان بفتح طبرستان أعد لذلك جيشا بقيادة سعيد بن العاص فاتخرط الحسن في سلكه ومعه من جلة الصحابة -رضوان اللَّه عليهم-: عبد اللَّه بن العباس، وعمرو بن العاص، والزبير بن العوام؛ لأنه أحب أن ينال ثواب الغزو في سبيل اللَّه وأجر السعي لإعلاء كلمة الحق. وقد اضطر ملك جرجان إلى طلب الصلح من سعيد بن العاص، وعاد الجيش ظافرا، وآب الحسن إلى المدينة يحيا حياته الأولى، من إقبال على القرآن والحديث والتفقه فيهما.
ثم امتحن المسلمون بفتنة عثمان وحوصر في داره بالمدينة، فبعث علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- بالحسن إلى دار عثمان ليحميه ويشترك مع شباب قريش في الدفاع عنه، ولكن عثمان قُتل واجتاحت الفتنة العالم الإسلامي، وبويع علي بالخلافة