عُرف اليهود منذ زمن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بالدس وصنع الأكاذيب والترهات وتشكيك المسلمين في عقائدهم وقد حاربهم الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في المدينة وأجلاهم عنها لخيانتهم ونقضهم العهود والمواثيق. وقد أسلم بعضهم عن عقيدة صحيحة لكن بقي أكثرهم حانقا على المسلمين. وكان رأس المنافقين عبد اللَّه بن أبي بن سلول الذي راح يبث الفتنة، ويدبر المؤامرات ضد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- والذين آمنوا معه وعبد اللَّه بن سبأ الذي صار ينتقل في البلدان وينشر الدعاية ضد عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- ويحض على الثورة.
وفي هذه القصة التي ذكرناها نجد أن هذا اليهودي يعترض على الحسن لما رآه يرتدي ملابس فاخرة ويذكر له حديث الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر" فكيف يتنعم الحسن في الدنيا وهو مؤمن ويشقى اليهودي وهو كافر؟ ولماذا لا يكون حالهما بالعكس إذا كان حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صادقا؟ سؤال يريد به إحراج الحسن من جهة وتشكيكه في حديث الرسول من جهة أخرى. ولكن الحسن -رضي اللَّه عنه- كان حاضر البديهة، فأجاب بجواب مقنع مفحم حيث أوضح له أن حالته التي يشكوا منها هي كالجنة بالنسبة لعذاب الآخرة الذي أُعد للكافرين وأن حالة الحسن التي ظنها نعيما إنما هي كالسجن بالنسبة لنعيم الجنة الذي أعد للمتقين.
توفي الحسن سنة تسع وأربعين، وقيل سنة خمسين، وقيل إنه مات مسموما، دخل الحسين على الحسن -رضي اللَّه عنهما- في مرضه فقال:
- يا أخي إني سقيت السم ثلاث مرات، فلم اْسق مثل هذه المرة، إني لفظت كبدي.
قال الحسين: من سقاك يا أخي؟
- ما سؤالك عن هذا؟ تريد أن تقاتلهم؟، كِلْهُم إلى اللَّه.
وقد اختلف المؤرخون في سبب موت الحسن، فزعم قوم أنه زج ظهر قدمه في الطواف بزج مسموم، وقال آخرون. إن معاوية دس إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس الكِنْدي أن تسم الحسن ويزوجها يزيد، فسممته وقتلته، واللَّه أعلم بحقيقة الأمر.