للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال لها: يا أمة اللَّه هل تعرفينني؟ فقالت: لا، فقال: أنا أحد ضيوفك يوم كذا، سنة كذا في المنزل الفلاني (١). . . إلخ.

ققالت: بأبي أنت وأمي لست أعرفك!

قال: فإن لم تعرفينني، فأنا أعرفك. فأمر غلامه فاشترى لها من غنم الصدقة ألف شاة وأعطاها ألف دينار وبعث بها مع غلامه إلى أخيه الحسين -رضي اللَّه عنه- فلما دخل بها على أخيه الحسين عرفها، وقال: بكم وصلها أخي الحسن؟ فأخبره فأمر لها بمثل ذلك ثم بعث بها مع الغلام إلى عبد اللَّه بن جعفر -رضي اللَّه عنهما-، فقال: واللَّه لو بدأت بي لأتعبتهما وأمر لها بألفي شاة وألفي دينار. فرجعت وهي أغنى الناس.

كان الحسن -رضي اللَّه عنه- حاد الذكاء حاضر البديهة، قوي الحجة معدن الفهم، وينبوع العلم اغتسل -رضي اللَّه عنه- وخرج من داره في بعض الأيام وعليه حلة فاخرة ووفرة ظاهرة ومحاسن سافرة فعرض له في طريقه شخص من فقراء اليهود وعليه مسح من جلود، وقد أنهكته العلة، وركبته القلة والذلة، وشمس الظهيرة قد شوت شواه وهو حامل جرة ماء على قفاه.

فاستوقف الحسن -رضي اللَّه عنه-، وقال: يا ابن رسول اللَّه، سؤال.

قال: ما هو؟

قال: جدك يقول: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر". وأنت مؤمن وأنا كافر فما أرى الدنيا إلا جنة لك تنعم بها، وما أراها إلا سجنا علي قد أهلكني ضيرها وأجهدني فقرها.

قال الحسن: "يا هذا لو نظرت إلى أعده اللَّه لي في الآخرة لعلمت أني في هذه الحالة بالنسبة إلى تلك سجن. ولو نظرت إلى ما أعد اللَّه لك في الآخرة من العذاب لرأيت أنك الآن في جنة واسعة" (٢).


(١) مصدر سابق.
(٢) الحسن والحسين لمحمود رضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>