للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسماها باسمه، وهذه المقابر تشهد لعنصر الحويطات الفعَّال في تاريخ مصر الحديث.

وكان بدو الحويطات من سكنوا الصحراء الشرقية لمصر يشتهرون باقتفاء الأثر ويساهمون مساهمة فعَّالة مع سلاح الحدود الذي ظهر فيما بعد في عهود أحفاد محمد على باشا، كما كان يملك الحويطات الإبل الأصيلة التي جلبوها معهم من الحجاز بالمملكة العربية السعودية، وما زال الحويطات في البوادي المصرية يملكون الإبل والأغنام الكثيرة وغير ذلك ممن مارس الفلاحة والزراعة في الأرياف المصرية والقليل من تحضر في المدن على رأسها القاهرة والسويس وبلبيس وحلوان والجيزة وقليوب. وكان عرب الحويطات من أقوى وأحب البادية إلى قلب محمد علي باشا وخصوصًا لمؤازرتهم القوية له في بداية حكمه ضد منافسيه الأقوياء من المماليك بقيادة الألفي بيك ومن عاونه من قبائل بلِّي والعيايدة، وقد استطاع محمد علي أن يطيح برءوس المماليك (١) جملة واحدة وفي يوم واحد في مذبحة القلعة الشهيرة التي دبرها لهم بعد أن جمعهم في حفلة وجردهم من سلاحهم، ولم ينج سوي ملوك واحد قفز بجواده من فوق القلعة فمات الحصان ونجا هاربا إلى الصعيد أو لجأ إلى الأعراب في الصحراء المصرية، وبعد هذه الحادثة اندثر المماليك من مصر إلى الأبد. ولذلك لَمْ ينس محمد علي وقفة الحويطات معه في بداية تدعيم حكمه لمصر وكان مخلصًا بالمقابل معهم، وأبسط مثل من الوفاء هو أنه في عام ١٢٢١ هجري حدثت مشاحنة ما بين جماعة من الحويطات وأخرى من العيايدة بنواحي الخانكة بمحافظة القليوبية، وبعد أن انقطعت السُّبُل بين الطرفين وبدأ القتال بينهما وعلم شيخ البلد بذلك أسرع محمد علي باشا والي مصر بنفسه بعد أن وصله


(١) يقول الرواة من الشدايدة من أبناء على نصار صالح شديد (عشيرة الموسة) في جزيرة النجدي بالقليوبية أنهم أقدم الحويطات في الديار المصرية، ولما سكنوا حول ولي الله محمد النجدي أيام المماليك وقد طلب الشواربي مساعدتهم ضد خصومه المماليك في قليوب، والشواربي من الأحامدة من سُلَيم وهم ضمن قبيلة حرب في الحجاز، وقد انتصر الحويطات بقيادة ابن شديد على فرسان المماليك وأوقعوا بهم بالتعاون مع فرسان الشواربية فزادت شهرتهم. ولما جاء محمد علي للحكم في مصر عام ١٨٠٥ م استقطب الحويطات وطلب كبار الشدايدة وأعطاهم حوضا من الأرض بنواحي الجزيرة ثم تكاثروا وانتقل منهم قسم إلى أجهور الصغرى في القليوبية، فلما استمروا في مؤازرة محمد على باشا أقطعهم عدة أحواض بلغت ما يناهز أربعة آلاف فدان من أجود الأراضي الزراعية، وقد تصدر الشدايدة من ذاك الوقت زعامة الحويطات في مصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>