وقد أمر الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن يتصدق بزنة شعره فضة، كما أمر بنحر كبشين وزعت لحومها على الفقراء ولقب بالقاب أشهرها: الزكي، الرشيد، الطيب، الوافي، السيد، المبارك، والتابع لمرضاة اللَّه، والسبط.
وكانت فاطمة الزهراء -رضي اللَّه عنها- ترقصه وتقول:
إن بني شبه النبي … ليس شبيها بعلي
وكان الحسن -رضي اللَّه عنه- أشبه برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما بين الصدر إلى الرأس.
والحسين أشبه به -صلى اللَّه عليه وسلم- من الصدر إلى أسفل منه، وكان ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير واسع الجبين، كث اللحية، واسع الصدر، عظيم المنكبين، ضخم العظام، رحب الكفين والقدمين، رجل الشعر، متاسك البدن، أبيض مشربا بحمرة، حسن الصوت.
شب الحسين في بيئة زكية كما شب أخوه الحسن، كانا صنوين في الخير والفضل ووفرة الإيمان، وقد رضعا من لبان التقى وربيا في كنف الهداية والإيمان.
نشأ الحسين كما نشأ الحسن في حجرة النبوة الطاهرة، تتفتح أكمامه على نور الهداية، وتكتحل عيناه بمشهد أكرم الخلق، يلتقط منه ما يسمع من حديث أفوح من المسك، وأندى من الندى، غذته الزهراء ونشأه على ورعاه المصطفى عليه السلام. فما كاد ينطق حتى أخذ يتعلم الأدب، وحفظ القرآن والصلاة والصوم، يحضر مجالس الصحابة ويدب في مهابط الوحي، ترمقه العيون، وتتبعه الأحداق في إعجاب وحب وإعزاز.
قُبض الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- والحسين لم يزل صبيًا لم يشب عن الطوق. . وبويع أبو بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- وهو لم يزل غض الإهاب، ثم ماتت أمه فاطمة الزهراء -رضي اللَّه عنها-، فذاق مرارة اليتم، ولكن بر أبيه وحدبه عليه ورعايته إياه قد أنساه ما يعانيه من حزن عميق.