من أحداث جسام، ولكنها لاذت بكل كبريائها وعزة نفسها وكرامة محتدها، معتزة بعلو حسبها ونسبها الشريف، ملتفة بجلال النبوة، وجلست منتحية ناحية من القاعة تحف بها إماؤها.
فتساءل ابن زياد عن هذه المنحازة وحدها ومعها نساؤها.
فقال بعض إمائها:
هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وبنت الإمام علي كرم اللَّه وجهه.
فقال متشفيا فيها:
الحمد للَّه الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم!!
فردت عليه السيدة زينب بكل إباء وشمم:
الحمد للَّه الذي أكرمنا بنبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- وطهرنا من الرجس تطهيرا، إنما يفتضح الفاجر ويكذب الفاسق وهو غيرنا.
فلم يصبر ابن زياد على قولها، بل رد عليها قائلًا:
كيف رأيت صنع اللَّه في أهل بيتك وأخيك؟
هنا تتجلى أسمى معاني الإيمان العميق والصبر الجميل والشجاعة النادرة في قولها له:
ما رأيت إلا خيرًا. هؤلاء قوم كتب اللَّه عليهم القتال فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع اللَّه بينك وبينهم فتحاج وتخاصم، فانظر لمن الفلاح يومئذ ثكلتك أمك يا ابن مرجانة!
فأثار هذا الرد الحازم حفيظة ابن زياد، فقال لها وهو في أشد حالات الغيظ:
لقد شفى اللَّه قلبي من طاغيتك الحسين والعصاة المَرَدَة من أهل بيتك.