للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم السلطان الحسني عليه إخاوة بعض بادية المدينة، فكان له مكسهم، وغزا عنزة (١) بأهل ينبع فظفر بهم وغنمهم، ثم غزاهم في خيبر بأميري المدينة وينبع، وجنودهما وطبولها، وكان هو سيد القوم، وزعيمهم ذلك اليوم إليه انتهى الرأي والأمر وعليه يعول في الأسارى والأسر (فإما منا بعد، وإما فداء، وزاد في هذا الدار علاء) فأحيا حول المدينة الشريفة أراضي مبتكرة، وغرس فيها نخيلا مكتثرة.

فمنها في العصبة غربي مسجد قباء، وشربها من آبار حفرها بها.

ومنها شراؤه أحياء في البركة الكائنة بالقرب من جبل أحد لبني حسين وغيرهم، وشرب البركة من عين المدينة، وكانت قديمًا مقسومة لأهلها أربع عشرة وجبة، تدور دوران الأسبوع، فدبر ونزع منها الأرض قسطا وجعلها تدور على ست عشرة وجبة، كذلك بلغنا وما كنا يومئذ في سن الإدراك، وشفع منصب النقابة بمنصبين آخرين لم يسبق إليها، وله نائب فيها وصارا تبعًا للنقابة وجودا وعدما، وهما بيت مال الموتي والغياب الشامل اللقطة والضالة والأرض الموات، والكل للبيع، ومصرفه مصالح الدولة الحسينية، ما لم يثبت مالك حاضر.

وأصاب من تركة معصوم بيك وزير سلطان المعجم المقتول مع قومه في الخبت حجيجا مائة ألف دينار، سلمها إلى السلطان الحسني ونحله منها ألفي دينار.

رواه لي ولده محمد، ومكث في النقابة نحو خمس وعشرين سنة وتوفي بالمدينة الشريفة وفن عند عتبة الأئمة بالبقيع، وذلك سلخ ربيع الثاني سنة (ظمح).

ولقد رذلت بعده النقابة ولبست ثوبي الحزن والكآبة، ووهنت بعد بنائها المشيد كالخرابة.

ويحسن أن يقال له ما قال الإمام الباقر -رضي اللَّه عنه- لابن عمه المنصور العباسي حيث قال: "وليتلقى هذا الملك صبيانكم فيلعبون به كما يلعب بالكرة"، ثم تولى مناصبه الثلاثة ولد محمد ثلاث مرات، يتخللها عزلتان، وهو رجل عظيم


(١) عنزة: هي قبيلة كبيرة من ربيعة العدنانية تقع ديارها في منطقة خيبر شمالي المدينة النبوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>