للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد ضعف سلطان الحُسينيين على المدينة في العهد العثماني تذكر المراجع التاريخية أن كثيرا من الحُسينيين تركوا المدينة واستوطنوا هجرا حولها، وأكثرهم في المناطق التي يمر بها طريق الحاج وطريق ينبع، وحالفوا في ذلك القبائل التي حولهم، حتى إنهم كانوا معهم في قتال أمير المدينة الحسيني أحيانا، وقتال بعض أبناء عمهم الذين بقوا في المدينة، وكان لهم حظ ونصيب في بعض إدارة المدينة، ومن ذلك ما ذكره العصامي أنه في عام ٩٦٢ هـ امتنع أمير المدينة عن دفع المبالغ المخصصة للحسينيين والعربان المقيمين على طرق الحج، فتحالف أبناء عمه الحسينيون الذين منع عنهم الأعطيات مع العربان وجهزوا حملة شارك فيها آل نعير برئاسة منصور بن محمد، وآل جماز برئاسة أحد مقدميهم، وطوائف أخرى نحتلفة برئاسة الشيخ أبي ذراع وكمنوا لموكب الحج المدني عند منطقة الفريش، وانتهت المقابلة بعد القتال بتعهد بعض أعيان الركب بإقناع أمير المدينة بإعطائهم المبالغ المخصصة لهم، وقد كان، ويذكر المؤرخون أن هذه الحادثة آخر محاولة تذكر لأمراء المدينة الحُسينيين لاستعادة سلطانهم ونفوذهم، بعد أن صارت السلطة الفعلية في يد الحَسنيين (١).

وقد أثبتت بعض كتب أنساب الأشراف أمر تحالف قبيلة حرب مع الحُسينيين وذكرت بعضا من نصوص معاهداتهم في تلك الفترة، ومن ذلك تحالف بني السفر من حرب مع بعض بني حُسين، وهو ما أورده ضامن بن شدقم الحُسيني كما يلي: "وهذه صورة الحلف بينهم مضيان بن أحمد شيخ بني سالم (٢)، وسالم الجمل بن سحيم الفريدي (٣)، ومحمد وحمدان ابني عتيق الوهبي، فتعاطوه وتحالفوا وتعاهدوا بأن كلا منهم صديق صديقه، وعدو عدوه، جالبا الخير لحليفه، ودافع الشر عنه، وليس على الشريف حسن بن علي الركوب إلى الحروب، والغارات في الكروب، بل النفع منه لهم على الأعداء بما اقتضاه الحلف في الوقت لسياق الدماء، وعليهم النفع بالمعاضدة له، ودفع الأعداء عنه، بما اقتضاه الجهد، حلفا مؤبدا موروثا سرمدا، ماضيا على الأعقاب وأعقاب الأعقاب، والأتباع وأتباع الأتباع، لا انتهاء له ولا غاية لحده،


(١) المدينة المنورة عبر التاريخ للبرادعي ص ١٢٦، نقلا عن تاريخ المدينة الشامل ٢/ ٣٣٩ - ٣٤٠.
(٢) في أصل الكتاب المطبوع (رمضان بن حمد) والتصويب من كتاب مذكرات تاريخية عن بعض أعلام قبيلة حرب ص ١٢٠.
(٣) المثبت في الكتاب (الفريد)، والصواب ما أثبت ههنا إذ هو المراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>