للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التاجر وريال من صاحب الجمل، فرفض الشيخ خليفة أمره؛ لأن العشر قد أصبح حقا مكتسبا من قبل أن تحل الإدارة المصرية بالسودان. ولما أصر مدير بربر على تنفيذ أمره قام الشيخ خليفة بإغلاق الطريق بين أبي حمد وكرسكو، فطلب منه المدير الحضور إلى بربر للتفاوض وجاء ومعه أناس كثيرون من قبيلته كعادة القبائل العربية. وأعاد المدير مرة أخرى مطلبه فأصر خليفة على عدم تنازله عن العشر واستمراره في إغلاق الطريق إلى أن يقوم المدير بإلغاء أمره. وقد اعتبر عباس أغا عدم تنفيذ الشيخ خليفة لأوامره، بالإضافة إلى امتناعه عن تقديم القاتل للعدالة خروجا منه على الحكومة وعصيانا لها. ولما كان المدير يعلم تماما أن الشيخ خليفة رجل قوي وأنه إذا ما اتخذ ضده إجراءات علنية فلربما يقاومه ويتغلب عليه بما عنده من رجال فقام بقتله حرقا بالنار، كما قتل معه مائة واثنين وثلاثين رجلا من قبائل مختلفة. وإضافة إلى ذلك قام عباس أغا بقتل الرجل الذي احتمى بالشيخ خليفة (١).

وبالإضافة إلى هذه المتاعب التي لاقاها شيخ العبابدة فقد قام حكمدار السودان أحمد باشا أبو ودان (١٨٣٩ - ١٨٤٤) بتخفيض أجرة الجمل من تسعين إلى ستين قرشا فامتنع العبابدة عن تقديم إبلهم ونتج عن ذلك " .. تعطيل حركة نقل المبيعات الأميرية وسرى العطب إلى بعضها .. " (٢).

ومن وجهة نظر رجال الإدارة المصرية في بربر والخرطوم فقد انتهى الأمر عند هذا الحد من العقوبات لكن شقيق خليفة المقتول الذي يدعى بركة أسرّها في نفسه حتى تحين له الفرصة فيأخذ بثأر أخيه.

وكان بركة هذا قد أصبح مسئولا (ملتزما) على الطريق الصحراوي كما كان شقيقه خليفة من قبل، وأثار متاعب للسلطات الحكومية لدرجة أن محمد علي كتب غاضبا إلى مسئوليه في بربر أن يقولوا لبركة بأنه (محمد علي) هو الذي قتل


(١) حسن أحمد حسين العبادي - المرجع السابق. ص ٨ - ٩.
(٢) دفتر رقم ٢٠٩ معية تركي: وثيقة رقم ٩٧٨ تاريخ ١٥ ذي الحجة ١٢٥٩ هـ.
انظر أيضا: نسيم مقار: أحوال السودان الاقتصادية تحت الإدارة المصرية، ص ١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>