للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا حاولنا مناقشة هاتين المشكلتين اللتين كانتا تواجهان التجارة والتجار في هذا الطريق فيمكننا القول بأنهما المشكلتان التقليديتان أمام أي تجارة في أي بقعة من العالم وإن اختلفت المسميات: فالأولى عبارة عن موقف الحكومة الرسمي من التجار سواء من ناحية تحصيل الضرائب وعمليات التفتيش، والثانية تتمثل في مشكلة الأمن المتعلقة بالتجارة والتجار.

أما المشكلة الأولى وما تقوم به الحكومة من تفتيش للتجار دون معايير ثابتة فربما يكون مرد ذلك هو بداية حدوث خلل في الأوضاع الاقتصادية في مصر، الأمر الذي استدعى تحصيل الكثير من الأموال للخروج من الضائقة الاقتصادية التي استحكمت في عهد إسماعيل. أما قبل ذلك ولا سيما في عهد محمد علي فقد كانت الأمور تسير على ما يرام حتى بعد عام ١٨٤١ حين انهال التجار على السودان وبدأ يطبق معاهدة بلطة ليمان ١٨٣٨ - ١٨٣٩ بشكل جدي ويضع أسسا ثابتة للتعامل مع التجار ويخفف الجمارك المتحصلة من بعضهم لا سيما المسلمون منهم (١). أما في عهد إسماعيل فيبدو أن الرسوم قد وصلت إلى نسبة عالية ومبالغ فيها بلغت ٨% بعد أن كانت ٥% في عهد محمد علي، الأمر الذي أدى إلى شكوى التجار الأجانب ومطالبتهم بتخفيضها إلى ١% (٢).

ووصلت شكوى الأجانب إلى حد أن تدخل غوردون في ٣١ مارس عام ١٨٧٧ لصالحهم طالبا استخدام موظفين أوروبيين في جمارك السودان خصوصا بجهات بربر وسواكن ومصوع وزيلع وتيجرة بالإضافة إلى أسوان. وقد وعد المسئولون ببحث هذا المطلب وإن كنا لم نقرأ في الوثائق - التي اطلعنا عليها ما يفيد تحقيق هذا المطلب (٣).


(١) حمدنا الله مصطفى: التطور الاقتصادي والاجتماعي في السودان ١٨٤١/ ١٨٨١، ص ٢٤٠.
(٢) حمدنا الله مصطفى المرجع السابق - ص ٢٤١.
(٣) دفتر رقم ٣٤ عابدين - صادر - صورة التليغراف العربي الشفرة رقم ١٩ ص ١٦٤ بتاريخ الثلاثاء نمرة ذي القعدة سنة ١٢٩٤ هـ إراده إلى سعادة عوزردن باشا حكمدار الأقاليم السودانية. دار الوثائق القومية بالقاهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>