للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد أدى الكشف عن الوثيقة الخاصة بإخلاء السودان إلى إثارة القلق والخوف ولا سيما عند حسين باشا خليفة وغوردون واهتزار مكانة كل منهما وسلطته. وعندئذ أبرز غوردون وثيقة أخرى وصفها حسين خليفة .. بأنها مخالفة لتلك التي عرضت في الاجتماع السابق". ومن الواضح أتها كانت إحدى الوثيقتين الأوليين اللتين خلتا من أي إشارة إلى ترك السودان. وهنا بين له حسين خليفة بأنه "ما كان يجب عليه عرض الدكريتو السابق الذكر والسماح بقراءته لسكان الإقليم وشيوخه أولا مع تأجيل الوثيقة الأخرى التي عرضت فعلا حيث إنها تسببت في إثارة كثير من القلق وتأكد بها الشعب من تنازل الخديو عن السودان لأهله". وقد أعطى حسين خليفة - بناء على طلبه - نسخة من تلك الوثيقة لنشرها. وعند عودته إلى بربر قام بعقد اجتماع قرأ فيه نسخة الوثيقة التي جاء بها تعيين غوردون حاكما عاما للسودان. ويبدو أن ذلك اعتبر مناقضا لعمل غوردون إذ لا ترد به إشارة جديدة إلى مجلس الإقليم، كما لم تكن استجابة الناس لذلك مرضية. واعتقد العامة والشيوخ أن هذه الوثيقة قد وضعت بمعرفة حسين باشا خليفة حيث إنها لم تقرأ بواسطة غوردون نفسه.

ولما وصل غوردون إلى الخرطوم صباح يوم ١٨ فبراير سنة ١٨٨٤ أمر بهدم الحصون التي عززها عبد القادر باشا حلمي حول الخرطوم وحرق السجلات الحكومية وأباح تجارة الرقيق، كما عني بموضوع ترتيب نوع من الحكم في السودان يصاحب التخلي عنه. وأخيرا هون كثيرا من شأن الثورة المهدية.

ولم تكن القرارات والإجراءات التي أصدرها غوردون بدءا بقرارات بربر وانتهاءً بقرارات الخرطوم ذات فائدة كبيرة في التأثير على أهل السودان بشكل عام. فقد كان إعلان تعيين المهدي - مثلا - سلطانا على كردفان أمرا مثيرا للعجب


= - محافظ مجلس الوزراء - السودان - الثورة المهدية - محفظة رقم ٩/ ١/ و تليغراف بتاريخ ٢٧ فبراير ١٨٨٤، صادر من الخرطرم إلى كافة أهالي السودان. دار الوثائق القومية.
- إبراهيم فوزي: كتاب السودان بين يدي غوردون وكتشنر. الجزء الأول. ص ٢٦٥ وما بعدها.
- هولت: المهدية في السودان. ترجمة جميل عبيد. ص ١١٠ وما بعدها.
- نعوم شقير: تاريخ السودان القديم والحديث وجغرافيته. الجزء الثالث. ص ٢١٣ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>