أن نحجم عن التعارف والتآلف والتآخي ونحن أمة كرمها الخالق سبحانه وتعالى. ونؤكد أن علم النسب أداة للتعارف، لا أداة للتفاضل أو التعالي أو التباغض أو التنافر، بل هذا العلم هو الوسيلة النبيلة التي تنمي في الشعوب الألفة والترابط الاجتماعي، الذي يستمد منه المرء الحميَّة والنخوة والشهامة والقوة لإثبات ذاته أو كيانه الصغير المتمثل في أسرته وعشيرته التي تؤويه ومن ثم بقبيلته التي يُعزى إليها، وأخيرًا في قومه ومجتمعه العربي الكبير الذي يضم أبناء جنسه وجلدته، وهكذا ينمي هذا العلم بعطاء وجداني وعاطفي لكل إنسان عربي أصيل ويجدد العزم والبأس، ليهُبَّ دائمًا إذا دعا الداعي مع قومه ليحمي الحمى والذمار، ويصون المقدسات والحُرُمات، ويذود عن الأرض والعرض والكرامة في أنحاء وطننا العربي العزيز، وهذا ما يحتمه عصرنا في عالم اليوم الذي تتكتل فيه الشعوب والدول رغم اختلاف مشاربها وأجناسها ولغاتها، وذلك من أجل إظهار القوة والهيمنة على الآخرين وذلك بشتى الطرق والوسائل، إذن فلابد لنا - نحن العرب - في هذا العصر أن نطبِّق كلام الله عزَّ وجلَّ:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا .... }[آل عمران: ١٠٣]، وهذا هو الحل أن نطبق كلامه ونسير بروح القرآن العظيم، وأن نفرَّ إلى الخالق ليمنحنا الثبات والصبر، لننال العزة والرفعة دائمًا كما أرادها الله لنا ومَنَّ بها علينا دون سائر الأمم والشعوب.
إن الإنسان العربي الحر يميل بشدة إلى البحث عن هويته العربية، وحقيقة معدنه وجذوره وشجرة نسبه التي فيها حسبه وأصله وجنسه العربي السامي الكريم، وهذه سمة من سمات العرب منذ فجر التاريخ وحتى الآن، ولأن العرب هم في الأصل أُناس قَبَليون لا شعوبيون، أي لَمْ تذب فيهم الأرومات والأصول والأحساب والأنساب؛ ولذلك نجد أن عنصرهم يتميز بالنقاء، وتتضح الصورة جلية في شتى الأقطار العربية وكما نراها حتى اليوم في تلك الكيانات القبلية المتماسكة والتي ما زالت تحافظ على عنصرها وتراثها وجذورها ونقاء معدنها، وكما أننا نرى أيضًا أن لكل قبيلة عربية مجدها وتاريخها التليد الراسخ في أعماق أبنائها يفاخرون به قولًا أو نثرًا أو شعرًا، وسيظل ذلك التاريخ عن ماضي الأجداد مطبوعًا في العقول لا يُنسى جيلًا وراء جيل، كما كان متناقلًا عن الأسلاف كابرا عن كابر. وحقًّا، فالتنافس الشريف والنبيل بين قبائل العرب والذي يحث على