مكارم الأخلاق والتمسك بالشِّيم الكريمة والخصال الحصِدة، جدير بالقول والرضا من المولى عزَّ وجلَّ، وثانيًا فهو مرغوب من سائر المجتمع العربي من المحيط إلى الخليج، وكما أن الاحترام المتبادل بين القبائل العربية يُولِّد الألفة والمودة والمحبة بين أبناء تلك القبائل، وهذا ما يحبذه ديننا الإسلامي، وبالتالي تصبح الشعوب العربية في مجموعها في تعاضد وترابط متين أساسه الأصل واللغة والدين والطباع الواحدة والموطن الممتد والمصير المشترك، وهذا لأنَّ الترابط والالتحام والتآخي هو حجر الأساس القوي لبناء مجتمعنا العربي الإسلامي الحر الأبي، والذي يتمثل في بيت عربي واحد يحمل على كاهله أحمالا كالجبال الراسيات لا يميل ولا يتزعزع له ركن ولا ينقض (١) له جانب على مدى الدهر حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
إن سمو معدن العرب قد بينه الخالق سبحانه وتعالى عندما خلق الخلق واختار بني آدم وفضَّلهم على كثير من خلقه تفضيلًا، ثم اختار العرب وكرَّمهم واصطفى منهم سيد المرسلين، خير الورى محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ ليكون هداية لسائر البشرية بل وهداية الثقلين من الإنس والجن .. وعلى ذلك فإن بغض العرب نفاق من جهة الشرع، أما من جهة العقل فقد ثبت بالتواتر المحسوس المشاهد أن العرب أكثر النّاس سخاء ومروءة وشهامة وبلاغة وفصاحة، ولسانهم أتم الألسنة بيانًا وتمييزًا للمعاني، وذلك بتجميع المعاني الكثيرة باللفظ القليل، ويُميِّز بين كلّ لفظين متشابهين بلفظ آخر مختصر، إلى غير ذلك من حقائق اللسان العربي الفصيح الذي كرَّمه المولى عزَّ وجلَّ وجعل أهل الجَنَّة يتكلمون به، وعَدَنا وسائر المؤمنين بها إن شاء الله تعالى.
إن تراث ومجد كلّ قبيلة عربية هو في الحقيقة جزء من كلّ تراث ومجد الأمة العربية، وهذا التراث يسطع بنوره في كوكب الأرض، ويجعلنا نحن العرب من بدو وحضر نرفع هاماتنا بين سائر الأمم، ولتبقى بحول الله عروبتنا شامخة دائمًا وأبدًا لينطبق علينا قولٌ الحق تبارك وتعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ … }[آل عمران: ١١٠]. وهكذا فالحالة الوجدانية والعقلية عند أبناء القبائل العربية تمثل هوية شخصية تُشعر المجموعة المحلية بكيانها كشعب وأمة متماسكة مترابطة الجذور متضامنة مع نفسها متآزرة في السرَّاء والضرَّاء، وهكذا هم العرب
(١) ينقض: يتقوض أو ينهار، حفظ الله أمتنا من الإنهيار ووفق ولاة أمورها لما فيه الخير والصلاح.