بشهامتهم الفائقة وشيمهم الرفيعة والنبيلة منذ فجر التاريخ وستظل - بإذن الله - ما دامت تشرق الشمس من المشرق.
ومما لا ريب فيه أن القبيلة في مفهومها ككيان متماسك، بعكس ما ينعتها البعض من المائلين إلى الشعوبية البحتة، والذين يخالفون قول الحق سبحانه وتعالى: { … وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)} [الحجرات: ١٣]، هنا ربنا عزَّ وجلَّ في كتابه العَزيز قد قرن القبائل مع الشعوب وذكر الأمة على حدة، مما يدلُّ على حتمية وجود الكيانات القَبَلية في المجتمع، ولأن الأمة تتكون من عنصرين: الشعوب والقبائل. وهؤلاء أيضًا ينعتون القبيلة بأنها أداة رجعية قديمة متخلفة تمثل تكتلًا اجتماعيًا موحدًا يكون قائمًا على رابطة الدم والأصل المشترك، للدفاع عن مصلحة مشتركة تهم هذا التكتل فقط في البيئة المحيطة به!، فهذا الرأي باطل ومرفوض؛ لأنَّ الإسلام نظَّم هذا الكيان المتمثل في القبائل وأزال عنه كلّ العادات المستهجنة مثل حمية الجاهلية الأولى، فأصبحت الحمية للحق والخير، هذا لمن ينهجون طبعًا أو يتمسكون بتعاليم الإسلام من شتى القبائل في الوطن العربي الكبير، ثانيًا فلابد من التعريف بأن الكيان القَبَلي كتجمُّع تلقائي متماسك البنيان إذا سخره الرجال المصلحون كان خيرًا للمجتمع بأثره، ولقد سخرهُ المجاهدون والأبطال في جزيرة العرب وجمعوا القبائل بحَميَّة الإسلام والعروبة وقد حَطَّموا أعتى الإمبراطوريات في الماضي قبل ثلاثة عشر قرنًا من الزمان، وقد فتح اللهُ على هذه القبائل التي أصبحت جماعة واحدة بعد أن كانت شتى ومتناحرة، وبفضل الإسلام فتح على أيديهم الأمصار والمدن في مشارق الأرض ومغاربها، وقد انتشر الدين الحنيف في بقاع الأرض على أيدي رجال وفرسان من عدنان وقحطان سجل لهم التاريخ صفحات كُتبت من نور، وكما سخر الكيانات القَبَلية زعماء وقادة العرب على مر تاريخ العرب بعد الإسلام وحتى منتصف هذا القرن، وذلك في مقاومة الغزوات الاستعمارية الشرسة على ترابنا العربي الطهور سواء في المشرق أم المغرب، ولا ينكر ناكر ولا يجحد جاحد بأن الفضل للّه ثم في هذا التكتل الاجتماعي التلقائي المتمثل في تماسك القبائل العربية في نواح كثيرة من البلاد العربية؛ وذلك في المحافظة على ديارنا العربية الإسلامية حُرَّة أبيَّة، كما نتمتع نحن أبناء هذا الجيل بها بعد زوال كابوس