للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أشعار الخنساء الكثيرة في الرثاء لأخيها صخرًا (١) الذي كان من أجمل فتيان مُضَر العدنانية (في آخر سنوات الجاهلية).

قالت الخنساء بعد موته:

قذىً بعينيك أم بالعين عَوارُ … أم أقفرت إذ خلت من أهلها الدارُ

كأن عينيك لذكراه إذا خطرت … فيض يسيل على الخدين مدرار

تبكي لصخر هي العَبرى وقد ولهت … ودونه من جديد الترب أستار

تبكي خُناس على صخر وحق لها … إذ رابها الدهر إن الدهر ضرار

وقالت أيضًا:

وإن صخرًا لمولانا وسيدنا … وإن صخرًا إذا نَشْتُو لنحَّار

وإن صخرًا لتأتم الهداة به … كأنه علم في رأسه نار

وقالت أيضًا:

أعينيَّ جودًا ولا تجمدا … ألا تبكيان لصخر الندى

ألا تبكيان الجريء الجميل … ألا تبكيان الفتى السيدا

طويل النجاد رفيع العماد … وساد عشيرته أمردا


(١) كان صخر السُّلَمي إلى جانب فروسيته وكرم خصاله من أجمل فتيان العرب في الجزيرة العربية وقتئذ قبل الإسلام بفترة قصيرة وكان لا يضاهيه في سماحة الوجه إلا فتى من كِنَانة العدنانية، ويروى أن كلاهما كانا صديقين وقد شربا خمرًا عند يهودي في المدينة فحسدهما واستكثر بحقده على العرب أن يكون فيهم مثلهما، ويقال أن صخرًا مرض ومر عليه طبيب فطلب أن يكويه بالنار أو يفقأ عينه حتى يبرأ ثم ما لبس أن مات، وقيل أن صخرًا غزا بني أسد العدنانية فطعنه أبو ثور الأسدي فمرض منها عامًا ثم مات.
* سأل عمر بن الخطاب الخنساء ذات مرة فقال لها - رضي الله عنه:
ما أتعب عينيك هكذا؟ قالت: بكائي على رجالات مُضَر في الجاهلية. قال: إنهم في النار، قالت: أبكيهم أكثر بعد الإسلام لما ماتوا عليه من الضلال، قال: صدقت يا بنت عمرو.
* قدم عدي بن حاتم الطائي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وحادثه فقَال يا رسول الله إن فينا (أي طيئ القحطانية) أشعر الناس وأسخى الناس وأفرس الناس!
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: سمهم. قال: أما أشعر الناس فامرؤ القيس بن حجر، وأما أسخى الناس فحاتم بن سعد (يعني أباه)، وأما أفرس الناس فعمرو بن معد يكرب. فقال: ليس كما قلت يا عدي، أما أشعر الناس فالخنساء بنت عمرو، وأما أسخى الناس فمحمد (يعني نفسه - صلى الله عليه وسلم -)، وأما أفرس الناس فعلي بن أبي طالب.

<<  <  ج: ص:  >  >>