للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت أيضًا في صخر:

أبكي أبا عمرو بعين غزيرة … قليل إذا تغفى العيون رقودها

وصخرًا ومن ذا مثل صخر إذا بدا … بساحته الأبطال قبا يقودها

كما قالت في أخيها معاوية لما قتلته بنو مُرَّة من (غَطَفَان) (١) ترثيه:

ألا لا أرى في الناس مثل معاوية … إذا طرقت إحدى الليالي بداهيه

بداهية يصغى الكلاب حسيسها … وتخرج من سر النجى علانيه

وكان لزار الحرب عند شبوبها … إذا شَمَّرت عن ساقها وهي ذاكيه

وقوَّاد خيل نحو أخرى كأنها … سُعال وعُقبان عليها زبانيه

بُلينا وما تُبلى تُعار وما ترى … على حدث الأيام إلا كما هيَّه

فأقسمت لا ينفكُّ دمعي وعولتي … عليك بحزن ما دعا الله داعيه

وقيل للخنساء: صفي لنا أخويك صخرًا ومعاوية، فقالت: كان صخر والله جنة الزمان الأعبر وذعاف الخميس الأحمر، وكان معاوية القائل الفاعل، قيل لها: فأيهما أسمى وأفخر؟ قالت: أما صخر فحر الشتاء، وأما معاوية فبرد الهواء، قيل لها فأيهما أوجع وأفجع؟ قالت: أما صخر فجمر الكبد وأما، معاوية فسقام الجسد، وأنشأت تقول:

أسدان محمرا المخالب نجده … بحران في الزمن الغضوب الأنمر

قمران في النادي رفيعًا محتد … في المجد فرعًا سؤدد متخير

قال عبد الرحمن بن خلدون في تاريخ العبر:

كان من سُلَيْم: "بنو عبس بن رفاعة" (بطن) ومنهم الفارس الشهير والشاعر الجهبذ (العباس بن مِرْداس) وسوف نفصل عنه وعن أشعاره. وقال منهم بنو ثعلبة


(١) قاتل معاوية السُّلَمي هو هاشم بن حَرْمَلة بن مُرة بن عوف من ذُبْيان (غَطَفان)، وأغار عليه صخر السُّلَمي فقتل أخا لهاشم ثأرًا بأخيه معاوية، ثم لقى هاشم بعدها قيس بن الأسوار الجُشَمي (هَوَازن) فكمن له وقذفه بمعلبة وهي نصل عريض ففلق جمجمته فمات، فقالت الخنساء لما علمت بمقنل هاشم قاتل أخيها معاوية:
فدا للفارس الجُشَمي نفسه … وأفديه بمن لي من حميم
قلت: وهنا قتل الجُشَمي للغَطَفَاني بدافع التعصب لما أن جُشَم من هَوَازِن بن منصور مثل سُلَيْم، أي غَطَفَان بعيدة عنهم في قيس عَيْلان، وهَوازِن وسُلَيم أقرب لبعضهما في النسب فهما من رجل واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>