تَخَالَفُوا في يَوم تِسعِين لحيَهْ … على شَان وقفَ الاجنبِي في نُفُودها
دارٍ لِنا ما هي دَارٍ لِغيرنا … تِحِدَّها الرَّملَة لِمَوَارد عدُودها
قلت: هنا ملاحظة هامة، إذ إن قبول الزعبيون في الحجاز التحدي مع حاكم مكة نابع من أنهم في مكانة وشرف نسب تعادل حاكم مكة، فهم من نفس أرومته حسنيون من آل البيت، إذ لا تجرؤ قبيلة من العرب من سُلَيم أو غيرها وتقوم بتحدي حاكم مكة، حيث إن قبائل العرب جميعا في هذا الوقت كانت تحمل له الطاعة والاحترام لشرف نسبه.
ولو أن زعب ليست من الاشراف الهاشميين ما سوَّلت لهم أنفسهم الوقوف في وجه حاكم مكة الشريف الهاشمي المُطاع من الورى، فقد اعتبروا أن من العار عليهم وهم من أهل البيت وقدوة للبشر أن يتركوا جارهم الحربي فريسة لحاكم مكة حتى ولو كان من نفس أرومتهم، وإن أي قبيلة خلاف زعب الهاشمية ما كانت لتقبل الفناء والشتات في سبيل (حماية نياق جارهم) مع حاكم البلاد والعباد وقتئذ، ولكن زعب في موقفها هذا تستند على نسب عتيد من آل البيت الهاشمي، وترى لذلك أنها أهلا لمقارعة الشريف في مكة ورد ظلمه مهما كانت النتيجة ولم تهادن أو تلن لها قناة كما عُرف أو كما عرفنا في ملحمة زعب التي خلدتها بنت ابن غافل الزعبية في قصيدتها المشهورة كما تقدم ذكرها، تلك القصيدة التي حفظها أهل الجزيرة والشام حاضرة وبادية، وقد ذكرت تلك الحروب الضارية بين