له أمير القطر المصري رجحان الجانب القحطاني على العدناني في استيطان مصر. وقد نفذت هذه الخطة السياسية فعلًا بدقة متناهية، فقدَّمت لهم الدولة الأموية كل أسباب الاستقرار في مصر، ووفرت لِنْزَّاحهم إليها نفس الجو والبيئة والأعمال والحياة التي كانوا يعيشون فيها بموطنهم الأصلي، وبذلك ضمنت لهم الاستقرار في مصر، وربما كان وراء إجلاء هشام لبني سُلَيم من بلادهم هدف سياسي آخر ولعله منع تكتلهم في ديارهم لئلا يقوموا بعمل ليس من مصلحة الدولة.
سابعًا - وحينما استفحل أمر القرامطة الملحدين واحتلوا بعض المدن والأقطار الإسلامية، حاملين معهم مبادئهم الهدَّامة، انضم اليهم بنو سُلَيم - سياسيا وحربيا، لا عقائديا - وذلك بغية اكتساب المغانم السياسية والحربية، وقد نص المؤرخون على أن السُّلَميين لم يعتنقوا مبادئ القرامطة إبان وجودهم معهم.
ثامنًا - وعندما تم إجلاء القرامطة عن ديار الشام - عنوة - انكفئوا إلى البحرين، فانضمت إليهم سُلَيم ثانية، وحينما تسرب الوهن إلى القرامطة في البحرين احتل بنو سُلَيم البحرين كحكام، وأقاموا بها شبه حكم سُلَمي، ردحًا من الزمن، وربما لا تزال بقايا منهم هنالك اندمجت في بقية السكان.
تاسعًا - أما في القطر المصري الذي اتخذوا - ناحية بلبيس - منه موطنًا في عهد هشام بن عبد الملك الأموي، فقد عَرَّفنا التاريخ بأنهم قاموا باستثمار الأراضي الخصبة التي مُنِحوها، وقاموا بتربية الخيل والإبل، وقاموا بالزراعة فيها، وأسهموا في الاقتصاد المصري بمجهوداتهم .. فلما لاح لهم النجاح وضمنوا الاستقرار، واستدعوا بعض بني عمومتهم من ديارهم الأصلية في هذه البلاد، وأوضحوا لهم ما ينعمون به من خير وافر، فوفدت إليهم أسر من بني عمومتهم، وشاركوهم فيما يضطربون فيه من عملٍ واستصلاح وتنمية موارد خاصة بهم، واستقروا معهم في مستقرهم بمصر.
عاشرًا - وفي سنة ٤٤٠ هـ - ١٠٤٨ م دفعت (السياسة العُبيدية - الفاطمية -) الحاقدة على عامل العبيديين بإفريقية: المعز بن باديس الذي خلع طاعتهم، ومال