أطيع ولا أشاور ولا أنا تحت حكم كل ابن امرأة كانت عذرا .. واللِّي يريد الحرب يلحق بي!!، ففهم الحاكم فحوى ما يقصد الأمير المسعودي ورفضه التفاهم فقال له: إنك لا تريد السلام يا شيخ الساعيد - ولم يقل له يا أمير المساعيد - وأراك لا تُوَقِّر أحدا، وزاد غبنه وغله أن يجد العنجهية من رجل من البادية لا يحكم سوى قبيلة واحدة فكيف به وهو حاكم وسيد البلاد كلها، فدبر في نفسه شيئًا لكي يقضي على هذا الرجل المعارض له، وأما الشيخ سليمان أمير المساعيد فقد عاد إلى مضارب قومه وقد أمر الفرسان بحمل السلاح ليل نهار والتزام الحذر، وبعد ستين يومًا أرسل الحاكم رسالة للأمير سليمان يسترضيه ويطيِّب خاطره ويهدئ من ثورته، وطلب إليه الحضور ليعقد صلحًا واتفاقًا جديدًا بين حاكم غزة والساعيد لتحديد العلاقة بينهما وفقًا للتطورات الأخيرة، وذلك في موضع خان الزيت وهو موضع بداخل غزة، فتم الصلح مؤقتًا وتم بموجبه إلغاء الضريبة المفروضة على المساعيد، فهدأت ثورة الأمير سليمان المسعودي فيما كان الحاكم وجنوده يبيتون أمرًا آخر يقوم على الفتك بالمساعيد والغدر بهم بعد اطمئنانهم، وذات يوم جرى احتفال كبير مدبَّر فوجه حاكم غزة الدعوة لشيوخ المساعيد وكبارهم لحضور الاحتفال والذي تم التخطيط له كما يلي:
(أ) أن تقام مأدبة غذاء كبيرة يحضرها وجهاء المساعيد وكبارهم في غزة داخل المدينة التي كانت مسوَّرة ولها أبواب، وقد أعدَّت الدولة صواوين لأجل المأدبة واستقبال المدعوين.
(ب) إجراء سباق للخيول قبل الغذاء يشترك فيه رؤساء المساعيد وفرسانهم في ظاهر المدينة من الجنوب الشرقي.
وقد لبى المساعيد الدعوة حيث ذهب الأمير سليمان على رأس مجموعة من شيوخ وكبار المساعيد إلى ظاهر مدينة غزة للمشاركة في سباق الخيول، بينما كان فريق آخر من المساعيد وكبارهم قد أخذوا يتقاطرون نحو المدينة زرافات ووحدانا ليدخلوها عبر بواباتها، ليحلُّوا ضيوفًا على الدولة ممثلة في حاكم غزة بانتظار ساعة الغداء ليجتمعوا جميعًا للغداء، فكانوا يدخلون غزة عبر بوابات سورها، في الوقت الذي كان الحاكم وجنده قد أعدوا العدة لذبح الداخلين واحدًا إثر آخر أو مجموعة تلو أخرى دون إحداث شيء يظهر ذلك لباقي المساعيد.