أولًا - إن حديث ياقوت في التعريف بـ "مرخ" لا يخلو من اضطراب وعدم تركيز، فقد جزم في مستهل كلامه بأنه "ذو مرَخٍ" بتحريك الراء، وبأنه وادٍ بين فدك والوابشية، خَضِرٌ نَضِرٌ كثير الشجر، ثم عاد عن هذا الرأي وشكك فيه، حيث قال بعد ذلك:"وقال الحفصي في كتابه: الخارجة قرية لبني يربوع باليمامة، وفيها يمر (ذو مرخ) وفيها يقول الحطيئة - وذكر البيت المتقدم:(ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ)، وأخيرًا نرى ياقوتًا يعرض عن كلا الرأيين وينبه على خطأ روايتهما أصلًا فيقول:(والرواية المشهورة: (بذي أمر) وذو أمر، فيما يظن ياقوت هو واد قرب فدك، وهو نفسه ذو مرخ.
ثانيًا - إن وادي مرخ بديار بني سُلَيْم لم تكن قبله (ذو)، على أنه من الجائز أنها حذفت لكثرة الاستعمال.
ثالثًا - إن ياقوتًا أورد في "معجم البلدان" أن (ذا مرخ) هو واد باليمن، واستشهد عليه بقول الشاعر:
من كان أمسى بذي مرخ وساكنه … قرير عين، لقد أصبحتُ مشتاقًا
أرى بعينيَّ نحو الشرق كل ضحى … دأب المقيد مَنَّى النفس إطلاقًا
ويبدو أن هذا اسم واد آخر، فهو من ناحية الاشتراك في الاسم شبيه باسم (حقل)، وقال كُثير في (ذي المرخ) الآخر:
بعزة هاج الشوق فالدمع سافح … مغانٍ ورسمٌ قد تقادم ما صح
بذي المرخ من ودانَ غير رسمها … ضروب النوى ثم اعتقتها البوارح
و (ودَّان) بلدة قرب الأبواء سكنها الصعب بن جثَّامة الوداني.
وذو المرخ هذا قال عنه ياقوت: (قالوا في شرحه: ذو المرخ، من الحوراء، وهو في ساحل البحر قرب ينبع، والحوراء خارجة عن ديار بني سُلَيْم، فهي في ساحل البحر قرب ينبع.
رابعًا - ومما يجعلنا نميل إلى أن "مرخًا" ليس في ديار بني سُلَيْم، أن البكريَّ في "معجم ما استعجم" يقول في مادة (مرخ): ذو المرخ - بفتح أوله وإسكان