الطريق المسفلت، وهذا المقهى بقرية الكامل سقفه من الخشب وهو مزدوج سقف خشبيٌ فوق سقف خشبي، وبين السقفين فتحة واسعة أوجدها صاحب المقهى، ليتسرب منها السموم اللافح في فصل القيظ الكاوي، فيدخل من أي جهة شاء إليها ليخرج منها من الجهة المقابلة، بحيث يُسمع دويه ورفيره وشهيقه المزعج وحده، وتذهب حرارته معه من داخل الفتحة إلى خارج المقهى، وهكذا يبقى المقهى في حالة متوسطة من الحرور بحيث لا يؤذي كثيرًا حرور الفصل الملتهب مَن يكون بداخل المقهى حتى في ساعات هيجان السموم المتقد وإلهابه لجو القرية بأجمعه، وقد نصبت عُمدٌ من أنابيب الحديد للمقهى لتحمل سقفيه بقوة واحتمال، أما فرش المقهى فهي من حصير سعف النخيل المنسوج محليا، وهو ناعم أملس ولطيف وأبيض ناصع البياض.
ومقهى "مُنْعِم" السُّلَمي تتمثل فيه بعض مظاهر التطور الحديث، فهو يُضاء ليلًا بالكهرباء المنبثقة من ماكينة خاصة جلبها. لهذا الغرض، وفيه ثلاجة يُوقد عليها بالغار، وهو على نَشْزٍ من الأرض ملتصق بالجبيل الذي يسنده شمالًا منه، وفي هذا المقهى موقف للسيارات الكبيرة القادمة من جُدة ومن مكة إلى ديار سُلَيْم، والذاهبة من ديارهم إلى مكة وجدة، وهذه السيارات تنقل أمتعتهم والمنتجات الزراعية وما أشبه بالأجرة.
وشباب قرية الكامل يمارسون لعبة كرة القدم في الأصائل، بالْبَرَاح الذي يقع بين منطقة المنشآت الحكومية الحديثة وشاطئ وادي ساية.
وقد بدأ التعليم ينشط في سُلَيْم، ففي مدارس بلادهم وفي غيرها من مدارس الحكومة في المملكة كثيرون من أبنائهم متعلمين ومعلمين، حتى إن بعض كبارهم شغفوا بالتعليم فدخلوا المدارس الليلية لمحو الأمية عن الكبار.
ومن قرى بني سُلَيْم الباقية منذ القدم على حالها واسمها قرية (مَهَايِع) على وزن (مَجَامِع)، ويصف لنا (مؤرخ بني سُلَيْم) عرَّام بن الأصبْغ السُّلَمي هذه القرية القديمة بقوله: "وهي قرية كبيرة غناء، بها ناس كثير، وبها منبر - أي جامع تُصَلَّى فيه الجمعة - ووالٍ ينتابه من قبل صاحب المدينة، وفيها نخل ومزارع، وموز ورمان