إلى الجد أو العم الذي هو أقرب إلى المنتسبين إليه ممن سبقوه من الأجداد أو الأعمام، وذلك حسب المتعارف عليه، وحسب الظروف والمناسبات .. وتستمر النسبة إلى هذا الجد أو العم أو غيره إلى ما شاء الله، حتى يأتي من الأسباب والظروف ما يُحِلُّ محله شخصًا آخر، فيُعْزَى إليه الفخذ أو البطن أو الحي .. وهكذا دواليك، فمتتبع أنساب العرب أو الأعراب بأدق تعبير يجب عليه أن يضع في ذاكرته هذه الظاهرة وأن يلاحظها فيما يُدوِّنه من أنسابهم، حيث يجد "تغيرًا" ملحوظا واضحًا في أسمائهم الشاملة لهم، بين كل فينة وأخرى، على أن اسم القبيلة الأصلي التي ينتمي إليها الجميع يبقى معروفًا لديهم وينتسبون إليه جميعًا، وبه تعرف مجموعاتهم المختلفة في الأسماء الفرعية.
وهناك ظاهرة اجتماعية أخرى لابد لنا أيضًا من ذكرها، وهي أنَّ كثيرًا من سلاسل أنساب العرب، خاصة في القرون التي تلت القرن الهجري الخامس - في تقديرنا الخاص - كثيرًا ما يعتريها السهو والبتر والنقصان، لأسباب عديدة، منها صعوبة محافظة الأجيال على تدوين أسماء الأباء بدقة كاملة، وفي سمط متسلسل كامل الحلقات طيلة القرون المتوالية، وتحت وطأة تقلبات الظروف والهجرات والأزمات العنيفة، والاضطرابات الداخلية والخارجية التي تهب أعاصرها بين كل حين وآخر، وهَبْ أن بعضهم تمكن مع ذلك كله من تدوين سلسلة نسبه كاملة وبدقة، فإن الاضطرابات والحروب والمعارك قد تجتاح المستندات وتفقدها، فيضيع بذلك كل الجهد الذي بُذِلَ في المحافظة على عمود النسب، وهذه الظاهرة قد حدثت لرائد علم الاجتماع:(ابن خلدون) فسجَّل على نسبه هذا النقص الذي لاحظه فيه حيث قال عن نسبه: (عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن جابر بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن خلدون - لا أذكر من نسبي إلى ابن خلدون غير هؤلاء العشرة ويغلب على الظن أنهم أكثر،