للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاهدنا انتقال (مائة بيت) من سُلَيْم وبني عمومتهم القيسيين من ديارهم الأصلية إلى مصر، وقد أنزلوا في بلبيس. وأمرهم الأمير عبيد الله بن الحبحاب بالزرع، ونظر إلى الصدقة من العشور، فصرفها إليهم، فاشتروا إبلًا، فكانوا يحملون الطعام إلى بحر القلزم - البحر الأحمر - فكان الرجل منهم يتحصل له في الشهر العشرة دنانير وأكثر وأقل، ثم أمرهم باشتراء الخيول، فجعل الذي يشتري المهر فلا يمكث إلا شهرًا حتى يركب، وليس عليهم مئونة في علف إبلهم ولا خيولهم لجودة مرعاهم. فلما بلغ ذلك عامة قومهم من القيسية، تحمل إليهم خمسمائة أهل بيت من البادية فكانوا على مثل ذلك، فأقاموا سنة، فأتاهم نحوٌ من خمسمائة أهل بيت ومات هشام وببلبيس ألف وخمسمائة أهل بيت من قيس، حتى إذا كان في زمن محمد بن مروان، وولَّى الحوثرة بن سهل الباهلي - مصر، ثم توالد القيسيون المصريون، وقدم عليهم من بادية هذه البلاد من قدم، فأُحْصوا في ولاية محمد بن سعيد، فوُجِدُوا خمسة آلاف ومائتين ما بين صغير وكبير.

ويلوح من الأمر الذي أصدره عبيد الله بن الحبحاب أمير مصر وأحد موالي قبيلة سَلُول من هوازن القيسية بشراء المُرحَّلين إلى مصر للخيول - أنه كان اجتماعيا بعيد النظر.

ويقول محمد بن أحمد بن تميم القيرواني المتوفي سنة ٣٣٣ هـ - ٩٤٤ م: "خرج من بني سُلَيْم أربعمائة وخمسون رجلًا لفتوح إفريقية" (١) وكان ذلك في عهد عثمان بن عفان (٢).

وفي عصر الولاة (١١٠ - ٢٥٤ هـ) كان في معادن التبر بأسوان قوم من بني سُلَيْم وغيرهم (٣).


= له هشام في إلحاق ثلاثة آلاف منهم، وتحويل ديوانهم إلى مصر على أن لا ينزلوا بالفسطاط، ففرض لهم ابن الحبحاب وقدم بهم فأنزلهم الحوف الشرقي وفرقهم فيه (راجع ص ٦٥ و ٦٦ من كتاب البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب، لأحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي، طبع مصر، والمجتمعات الإسلامية في القرن الأول، لشكري فيصل، ص ١٤٩ و ١٥٠).
(١) طبقات علماء أفريقية وتونس، ص ٦٩، طبع تونس.
(٢) هجرات الفتوح الإسلامية. وقد وصف لبيد بن ربيعة العامري من هوازن - رضي الله عنه - خلو كثير من بلاد جزيرة العرب من رجالاتها في قصيدة له منها قوله:
هلكت عامر فلم يبق فيها … برياض الأعراف إلا الديار
(٣) تعليقات عبد المجيد عابدين على كتاب البيان والإعراب، ص ٩٣ - ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>