للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الدور السادس من أدوار بني سُلَيْم في الإسلام فيتمثل في القصة التي رواها أحدهم: عبد الله بن معروف أحد بني رياح بن مالك بن عُصية بن خفاف - وقد شَهد القصة - قال: جاءت محمدًا (النفس الزكية) بنو سُلَيْم على رؤسائها فقال متكلمهم جابر بن أنس الرياحي: يا أمير المؤمنين نحن أخوالك وجيرانك، وفينا السلاح والكراع، والله لقد جاء الإسلام والخيل في بني سُلَيْم أكثر منها بالحجاز، لقد بقي فينا منها ما إن بقي مثله عند عربي تسكن إليه البادية، فلا تُخندقِ الخندق، فإن رسول الله خندق خندقه لما الله أعلم به، فإنك إن خندقته لم يحسن القتال رجاله، ولم يوجه لنا الخيل بين الأزقة، وإن الذين يخندق دونهم هم الذين يقاتلون فيها، وإن الذين يُخندق عليهم يحول الخندق دونهم. فقال أحد بني شجاع: خندق رسول الله فاقتد برأيه أو تريدُ أنت أن تدع رأي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لرأيك قال: إنه والله يا ابن شجاع ما شيء أثقلَ عليك وعلى أصحابك من لقائهم، ولا شيء أحبَّ إليَّ والى أصحابي من مناجزتهم. فقال محمد: (النفس الزكيه): إنما اتبعنا في الخندق أثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يردني عنه أحد، فلست بتاركه، ولما تيقن محمد (النفس الزكية) أن محمد بن عيسى قائد حملة أبي جعفر المنصور لقتال محمد (النفس الزكية) بالمدينة قد أقبل، حفر الخندق: خندق النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كان حفره للأحزاب، ولما أزمع حفره ركب إليه وعليه قباء أبيض ومنطقة وركب الناس معه فلما أتى الموضع نزل فيه فبدأ هو فحفر بيده، فأخرج لبنة من خندق النبي - صلى الله عليه وسلم - فكبر وكبر الناس معه، وقالوا: أبشر بالنصر، هذا خندق جدك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).

أما الدور السابع من أدوار تحركات بني سُلَيْم التي كانت وبالًا عليهم، فقد كان في أوائل القرن الهجري الثالث وبالدقة في سنة ٢٣٠ هـ، وهذا التحرك كان في عقر دارهم الأصلية بين الحجاز ونجد، فقد كانوا تطاولوا على الناس حول المدينة بالشهر، وكانوا إذا أرادوا سوقًا من أسواق الحجاز أخذوا سعرها كيف شاءوا، ثم ترقى بهم الأمر إلى أن أوقعوا بميناء الجار (ميناء المدينة المنورة) - بناس من بني كِنَانة وباهلة فأصابوهم وقتلوا بعضهم، وكان ذلك منهم في جمادي الآخرة سنة ٢٣٠ هـ وكان رأسهم - في هذا التحرك - عُزَيْزة بن قطَّاب السُّلَمي، وكان عاملُ


(١) تاريخ الطبري، ص ٢٠٧ و ٢٠٨، الجزء السادس، مطبعة الاستقامة بالقاهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>