للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين بَنَوُا الطائفية في العراق، وحاربوا مناوئيهم كان لهم أثر كبير في إخفاء الأنساب العربية سواء أكانت عباسية أم بكرية أم عمرية أم أموية إلخ، وفي انتحال أنساب علوية لينالوا الحظوة عندهم، وقُلْ عكس ذلك في زمن السلاجقة).

ثم ذكر أن هذه الظاهرة اشتدت جدا في زمن الصفويين، حتى إن الناس عمدوا إلى تغيير أسماء المشاهد والأضرحة، مخافة نبشها أو العبث بالأموات، إذا كانوا ينتسبون إلى العباسيين أو الأمويين (١) إلخ).

وهكذا شرح لنا المؤلف أبْعَاد هذه الظاهرة التي لابد أنها عملت على طمس كثير من معالم أنساب العرب الذين وقعوا تحت طائلتها، ليتمكنوا من أن يعيشوا في إطارها بأمان واطمئنان بين الشعوب التي تحيط بهم والتي يساكنونها، ولابد أن حالتهم المعيشية لو سلكوا غير هذا السَّنَن ستكون صعبة ومرتبكة ومضطربة، خاصة مثل بني سُلَيْم الذين شرَّقوا وغرَّبوا، وأسهموا في حوادث ومعارك مَصِيريَّةٍ وغير مصيرية أثمرت لهم عداوات وحزازات وضغائن في الأمم التي أقاموا بين ظهرانيها بعد انتهاء صولتهم وقوتهم.

ولعل السببين المذكورين في أوائل هذا الفصل كانا قد تضافرا على اختفاء أسماء كثير من رجالات سُلَيْم في الأجيال التي سبقت جيلنا الحاضر.

ومعلوم أن رئيس الأسرة إذا عمد إلى إخفاء حقيقة نسبه لأسباب ملجئة، فإن الجيل الثالث من نسله على أقل تقدير ينسى أصله.

وقد تتبعتُ - بقدر استطاعتي وجهدي - الأسْفَار التي أُلِّفَتْ في القرن العاشر - مثلًا - وما بعده، فما وجدت تراجم لرجالات سُلَيْم في علم أو أدب أو إدارة، اللهم إلا قلة ضئيلة … وهذا مع ملاحظتنا للسهو الذي وقع فيه الشيخ عبد الرازق البيطار حينما ترجم لمنصور بن عمار السُّلَمي الذي كان يعيش في عصر الليث بن سعد الفهميّ وهو القرن الهجري الثاني، وكان صديقًا لليث ونزيله في مصر، في ظرف من ظروف الزمن، فقد اعتبره الشيخ عبد الرازق البيطار من أهل القرن الثالث عشر الهجري، وترجم له على هذا الأساس ترجمة حافلة، بالصفحة


(١) المصدر السابق، ص ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>