للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإبل. وقد عاتبه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال له: (أتقول فيَّ الشعر؟) فاعتذر وقال: (بأبي أنت وأمي إني لأجد للشعر دبيبًا على لساني كدبيب النمل ثم يقرصني كما يقرص النمل فلا أجد بدًّا من قول الشعر) فتبسم الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال: (لا تدع العربُ الشعر حتى تدع الإبلُ الحنين).

هذا، وقد انتقد المرزباني، منع صرف (مِرْدَاس) في البيت المتقدم للعباس بن مِرْدَاس وهو:

وما كان حصن ولا حابس … يفوقان مِرْدَاس في مجمع

بفتح سين (مِرْدَاس) مع أنه مصروف لغة، فقال: "وأما ترك صرف ما ينصرف فهو غير جائز؛ لأنه يُخرج الشيء عن أصله. وقد أجازه الأخفش، وأنشد قول العباس بن مِرْدَاس السُّلَمي:

وما كان حصن ولا حابس … يفوقان مِرْدَاس في مجمع

فترك صرف "مِرْدَاس" وهو اسم منصرف، وهذا قبيح لا يجوز ولا يقاس عليه لأنه لحن" (١).

وكان العباس بن مِرْدَاس يغزو مع النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويرجع إلى بلاد قومه، وكان ينزل - كما ذكرنا في ترجمته في فصل شعراء بني سُلَيْم - بوادي البصرة، وكان يأتي البصرة كثيرًا ويرجع إلى بلاد قومه (٢)، وله ابن يقال له جاهمة يروي عن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث (٣) ولم يسكن مكة ولا المدينة ويقال: إنه مات في بادية البصرة، ويقال بل نزل بدمشق وابتنى فيها دارًا. ويقول ابن حجر: إن وفاته كانت في خلافة عثمان بن عفان.

هذا، وفي عهد الجاهلية كان العباس بهاجي خُفاف بن ندبة السُّلَمي، وتمادي الخلاف بينهما حتى بلغ إلى الاحتراب، وقد كثرت القتلى بينهما، وعندئذ قام الضحَّاك بن عبد الله السُّلَمي صاحب أمر بني سُلَيْم وقال لهما: (يا هؤلاء إني أرى


(١) الموشح للمرزباني، ص ١٤٤، طبع دار نهضة مصر، ١٩٦٥ م.
(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد، ص ٢٧٣، المجلد الرابع.
(٣) الشعر والشعراء، لابن قُتَيْبَة، ص ٦٣٤، الجزء الثاني، طبع دار الثقافة ببيروت. وفي الهامش أن في مطبوعة ليدن: جلهمة، وصوبه الأستاذ أحمد شاكر رحمه الله، وقال: لا يوجد من يسمي بهذا الاسم في الصحابة ولا الرواة، وإنما هو جاهمة. انظر الإصابة: ٢٢٨، والاستيعاب: ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>