للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نماذج من شعره

تدلنا النماذج التالية من شعره، على شاعرية متمكنة مطعمة بالعلم والدين، واستيعاب أوضاع المجتمع الذي يعيش فيه الشاعر العلَّامة عبد الملك بن حبيب السُّلَمي.

كتب إلى "الرشَّاش" الأديب، يستهديه "مِدَادًا"ووجه إليه بقارورة كبيرة ليملأها "الرشاش" له حبرًا، قال:

احتجت من "حبر" إلى "سقبه" … فامدد لنا منه مُرَسَّاكَ

وابعثْ، وإن قَلَّ، به طَيِّبًا … ولا تكن دُونًا فنلحاك

ولا تهولنَّك قارورتي … فإنها أأقنَعُ من ذاك

وله يرفع طلبته إلى الله تعالى أن يهبه "ألْفًا من الصُّفر" - ولعلها عملة نقدية ذهبية معروفة إذ ذاك بهذا الاسم أو وصفٌ للدنانير - قال:

صلاح أمري والذي أبتغي … هَيْنٌ على الرحمن في قدرته

"ألفٌ من الصُّفْرِ" - وأقلِل بها … لِعَالِمٍ، أوفى على بغيته

"زرياب" قد يأخذها قفلة … وصنعتي أشرف من صنعته

و"زرياب" هو المغني المعروف الذي رحل من المرق إلى الأندلس، ولاقى - غناؤه - إقبالًا منقطع النظير هنالك.

وتقدم لنا أن عبد الملك بن حبيب قد رحل إلى المشرق في طلب العلم؛ لأن المشرق كان يومئذ مصدر العلم والدين، وقد اشتاق عبد الملك إلى أهله وهو بالحجاز، فألهمته أشواقه الْحَرَّى إليهم هذه القصيدة التي مُلِئَت حَنينًا وذكريات إلى المغرب الذي هو موطنه ومسقط رأسه ومرتع شبابه:

أُحِبُّ بلاد الغرب، والغرب موطني … ألا كل عربيٍّ إليَّ حبيب

فيا جدًّا أضناه شوق كأنَّه … إذا نُضِيَتْ عنه الثيابُ، قضيب

ويا كبدًا عادت رُفاتًا، كأنَّها … يُلَدِّغها بالكاويات طبيب

بَلِيْتُ وأبلاني اغترابي ونأيه … وطول مُقامي بالحجاز أجوب

<<  <  ج: ص:  >  >>