للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قُدَيْدًا وهو ذاهب لَقِيَهُ - في رواية عباسُ بن مِرْدَاس في ألف من بني سُلَيْم، وفي ذلك يقول:

بَلِّغْ عبَّاد الله أن محمدًا … رسولُ الإله راشدًا أين يَمَّمَا

دعا قومه واستنصر الله ربه … فأصبح قد وافي الإله وأنعمَا

عشية وَاعَدْنَا قُدَيْدًا "محمدًا" … يؤم بها أمرًا من الله مُحكمَا

حلفتُ يمينًا برَّةً لمحمد … فأوفيته ألفًا من الخيل مُعلمًا

سرايا براها الله وهو أميرها … يؤم بها في الدين من كان أظلمَا

على الخيل مشدودًا عليها دُرُعنَا … وخَيْلًا كدَّفاعِ اللواتي عرمرمَا

أطعناكَ حتى أسلمَ النّاسُ كلهم … وحتي صَبَحْنَا الخيلَ أهْل يَلَمْلَمَا

وسار العباس وقومه إلى فتح مكة ثم إلى حُنَيْن مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقسم الرسول غنائم هَوَازِن، فأكثر العطايا لأهل مكة وأجزل لهم القسم ولغيرهم ممن خرج إلى حُنَيْن، حتى إنه كان يعطي الرجل الواحد مائة ناقة والآخر ألف شاة، وزوي كثيرًا من القسم عن أصحابه، فأعطى الأقرع بن حابس من تميم، وعُيينة بن حصن الفزاري من غَطَفَان، والعباس بن مِرْدَاس، عطايا فضل فيها عُيينة والأقرع على العباس، فتأثر العباس من ذلك، وما سكت على تأثره؛ لأنه كان مؤمنًا صادق الإيمان يكاشف الرسول بدخيلة نفسه، وقد جاءه وأنشده:

كانت رزايا تلافَيْتُها … بكري على المُهْر في الأجْرع

وإيقاظي الحيَّ أن يْرقُدوا … إذا هَجعَ القوم لَمْ أهجع

فأصبح نَهْبي ونَهْب العُبَـ … ـــــيْد (١) بين عُيينة والأقْرعَ

وقد كنتُ في الحرب ذا تدراءٍ … فلم أُعْطَ شيئًا ولم أُمْنَعِ

وما كان حِصْنٌ ولا حَابس … يفوقان مِرْداس في مُجْمَع

وما كنْتُ دون امرىْ منهما … ومن تَضَعِ اليوم لا يُرْفَع

فبلغ قوله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدعاه، فقال له: أنت القائل:

أصبح نهبي ونهب العبيـ … ـــد بين الأقرع وعُيينة


(١) العُبيد - بضم العين المهملة وفتح الباء التحتية الموحّدة -: اسم فرس العباس بن مِرْدَاس.

<<  <  ج: ص:  >  >>