للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيُّ عَوْفٍ (١) الذين لهجوا بشتمه؛ وقد ضمهم إلى خفاف في استنكار موقفهم منه، وقد خاطبهم بقوله: (ترقوا في سلم شتمني وزيدوا فما يشفي غيظكم شتمي ولا يضرني وعيدكم)، وشعره هذا شعر جاهليٌّ بالنسبة إليه؛ لأنه يتحدث فيه يوم قاله عن الملابسات القائمة فيما بينه وبين خفاف من هجاء وملاحاة وقتال.

وهجا عباس بن مِرْدَاس عمرو بن مَعْد كرب المرادي من مَذْحِج القحطانية بقوله:

ألا أبلغا عمرًا على نأى داره … فقد قُلْتَ قولًا جائزًا غير مهتد

أُتهْدِى الهجاء لامرئ غير مفحم … وتُهْدِي الوعيد لامرئ غير مُوعَدِ

فإن تلقني تلق امرءًا قد بلوته … حديثًا وإن تفجر عليَّ، تُفَنَّدِ

ألا تعلمن يا عمرو أني لقيتكم … لدى مَأْقط والخيل لَمْ تتبددِ

وعَرِّدَ عني فارساكم كلاهما … وقد علمًا بالجزع أن لَمْ أعرِّدِ

وما زلت أحمي صخحبتي وأذودكم … برمحي حتى رُحْتُ قطرا بمفردي

ويُذكر أن عمرو بن مَعْد كرب فرَّ من العباس في إحدى المعارك وأن العباس أسر أخته ريحانة، وقال في ذلك شعرًا.

ومن قصائده "المنصفات" - ومعنى المنصفات: القصائد التي يُنصف فيها الشاعر خصومه الحربيين فيذكر ما حدث له ولقومه، وللخصوم معًا من نصر وهزيمة، وإقبال وإدبار، وكر وفر - من هذه القصائد قصيدته السينية المثبتة في ديوانه الذي جمعه وحققه الدكتور يحيى الجبوري (طبع بغداد)، ومطلعها قوله:

لأسماء رسم أصبح اليوم دارسا .. وأقفر منها رَحْرَحانُ فراكسا (٢)


(١) هم بنو عوف بن بُهْثَة ونزحوا إلى مصر أواخر القرن الرابع للهجرة ثم شمال إفريقيا ضمن غزوة السُّلَمية والهلالية بعد عام ٤٤٢ هـ.
وقد أثنى العباس بعد ظهور الإسلام في فتح مكة وغزوة حُنَيْن علي بني عوف بن بُهْثَة (انظر أشعاره).
(٢) يبدو أن في هذا البيت أقواءً … إذ الفصيح أن يقول: فراكس؛ لأنه معطوف على (رحرحان) المرفوع لكونه فاعلا لـ (أقفر)، والمعطوف على المرفوع مرفوع لا منصوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>